التنوع الطائفي في لبنان قد يكون مصدر غنى

التنوع الطائفي في لبنان قد يكون مصدر غنى،

من كتاب خصائص الحضارة المثالية القادمة -محمد كوراني

هناك سؤال محرج جدا تتعلق بعلاقة مسيحيي الشرق و الحضارة الغربية و مستقبل هذه العلاقة في ظل المخاض العالمي اليوم والتي يسير بإتجاه الاصدام وصراع الحضارات حتى يتحقق النظام العالمي الواحد وما يعرف استطرادا بالعولمة. • من حقي أن أعتبر لبنان منشأ حضارة الغرب بأكملها، لأنها مهد الرسالات المسيحية واليهودية. • من حقي أن أعتبر أرض لبنان وما حولها، قلب العالم القديم بأكمله لأنه مهد الأنبياء العظام. • كما أن من حقي أن أعتبر مسيحي لبنان، رُسُل اليسوع المسيح إلى عالم الغرب بأكمله. في الواقع أنا مؤمن بدور الحضارة الغربية في العلم والتطور والنظام والتكنولوجيا والرفاه والاحساس بالرضى العام و بنبذ العصبيات و بالشعارات البراقة والجميلة مثل الحرية، • أنني مؤمن بدور الحضارة الغربية في العلم والتطور والنظام والتكنولوجيا بسبب ابتعاد الشرق عن رجال الوحي. • أنني مؤمن بدور حضارة الغرب في محاربة الخرافات والنزعات الوهمية في الدين، رغم انغماسها المفرط بالمادية. • إنني مؤمن بدور حضارة الغرب في العلوم التجربية والعلوم الانسانية، رغم استخدامها في مجالات غير انسانية. • إنني مؤمن بدور الغرب في تبسيط المفاهيم الفكرية المعقدة لتصبح مفاهيم بصرية صورية، رغم تجريدها عن واقعها المعقد. • إنني مؤمن بدور الغرب في إزالة الكثير من الاعتبارات الوهمية رغم وقوعها في هيمنة الاعتبارات الأخرى. • إنني مؤمن بدور الغرب في تحطيم الكثير من العوائق في سبيل هدف واحد، رغم انخراطه في الماكيافيلية المفرطة. • إنني مؤمن بدور الغرب في ثورة التواصل والشبكات العنكبوتية والعولمة الجارفة رغم إستغراقنا في نسيان الأولويات. • إنني مؤمن بدور الغرب في ثورة المعلومات والIT وعالم الديجيتال، رغم أن الانسان أصبح فيها مجرد رقم وكود. • إنني مؤمن بدور الغرب في ثورة التكنولوجيا، وصناعة السلاح ومنها الدمار الشامل، رغم إن حياة البشرية كلها أصبحت رهينة أصبع من يمتلك حق استخدامه. • إنني مؤمن بدور الغرب في فن الرفاهية والتسلية والاعلام المشوّق رغم إنها أصبحت فن خداع متطور جدا جدا. • إنني مؤمن بدور حضارة الغرب في فرض ثقافة القانون والنظام والنُظم، رغم أنها أصبحت بيد من لا يريد استخدامها. • إنني مؤمن بدور حضارة الغرب في إيصال الحرية والتحرر وفن الاستمتاع إلى قممها، رغم أن كل الحضارات تآكلت وإنهارت في قمتها، بسبب رخاءها وفتورها. …. لكن أتساءل هل يحق لنا الاهتمام بايجابيات الحضارة الغربية ونسيان نقاط ضعفها؟ و هل يحق لنا أن نعتبر الحضارة الغربية بعصر النهضة أو الثورة الصناعية ونسيان ماضي الغرب ؟ وأتساءل هل يحق لنا أن نعتبر محاربة الدين كان سبب التطور الغرب وعلمه أم محاربة الوهم والخيال؟ وهل يحق لنا أن نعتبر تحجيم الدين كان سبب وراء النظام والنُظم والقانون؟ أم انصياع المؤسسة الدينية الى هيمنة الشخص الواحد، مهما يكن؟ وهل يحق لنا أن نعتبر الحضارة الغربية ثمرة مبادئها المعلنة ونسيان المبادئ الحقيقية المبطنة ؟ وأتساءل هل يحق لنا أن نعتبر حضارة الغرب وصلت الى قمتها بل ونجحت في كل اختباراتها، هل القرون الثلاثة كافية على آن نحكم بعدم انهيارحضارة الغرب وعدم هشاشتها وعدم تأكلها… …. اليوم أصبح وضع الكرة الأرضية مختلف تماماً، قد لا يتنبه الإنسان الغربي ومن يعيش في الغرب، لهذه البوادر وهذه الإشارات ولهذه المتغييرات ولهذه الإرهاصات، هناك فشل في كل المجالات، هناك فشل في كل المعايير، هناك فوضى في كل الأنظمة، يمهد لتغييرات مصيرية في العالم، ويمهد لعالم مختلف تماما حتى عن العالم الغربي الحرّ الساحرالخلاب، الحضارة الغربية مقبلة على مرحلة إمّا الانصياع الكامل وإمّا الإنهيار العام، إمّا النظام الواحد أمّا إنهيار كل الأنظمة، أخوتى والله، هذه المرحلة الانتقالية ليست تحت السيطرة … في الواقع، فشِلَ الغرب في خلق نظام عالمي بسبب تسارع احداث غير متوقعة. في الواقع، فشِلَ الغرب في انتاج حكام عصاميين غير آليين بسبب طفرات غير متوقعة. في الواقع، فشِلَ الغرب في خلق ثقافة واحدة موحدة بسبب ملل البشرية ونزعاتها غير المتوقعة. في الواقع، فشِلَ الغرب في خلق معايير واحدة وموحدة بسبب صراع الاقطاب. في الواقع، فشِل الغرب في الترويج للحرية والديموقراطية بسبب تعارض الحريات مع بعضها. في الواقع، فشِل الغرب في كبح جماح النزعات اليمينية الانتحارية بسبب النظرية المتطورة للأنانية. في الواقع، فشِل الغرب في صناعة الشرعية السياسية المقنعة للجميع بسبب غلبة المال والقوة على المنطق والعقل. في الواقع، فشِل الغرب في الانسجام مع نفسه، فأصبح الغرب ثلاث كيانات: روسيا، اوروبا وآمريكا. في الواقع، فشِل الغرب في انصهار العرق الأصفر والأخضر مع المجتمع العالمي بطريقة سلمية هادئة طوعية … هناك بوادر خطيرة في العالم، لا يراها الا اصحاب الفكر والنظر، هناك إشارات مصيرية في العالم لا يراها إلا أصحاب العلم والموضوعية، خرج المارد من القمقم، خرج الصراع عن السيطرة، انه نار تحت الرماد، ليس دونه حل الا فناء البشرية… الغرب اليوم أصبح ثلاث كيانات: – اليوم هناك غرب هائج، ديانته عقيدة الشك والتشكيك بكل شيء الا بقوة المال، أرض انبياء جدد في كل كنيسة، يتزعهما زعماء مافيات الدعارة والشهوات والاقتصاد الخفي، هي أرض أمريكا، فأمرها في ليلة واحدة وفي ساعة واحدة، وزعيمها ترامب. – وهناك غرب محايد، ديانته المسيحية المؤسساتية، ترتعد مفاصله من الديانة الغربية الأخرى، متمسك ببعض مبادئه القيّمة، مؤمن ببعض القيم الانسانية العريقة، وزعيمها انجيلا تاتشر وفرانسوا شيراك وتيرزا كاميرون. – وهناك غرب متنمر يافع، جذوره شرقية، قادر على التواصل مع الجميع، ديانته هيمنة القوة ومبادئه استعادة الامجاد السابقة، يشترك مع اوروبا باصوله الرجل الابيض القوقازي، وزعيمه القوي بوتين. والغريب أننا اليوم نجد جميع ثمار الحضارة الغربية في يدي من هم في قمم التخلف ولا إنسانية، و مثال إثارة الحروب والفتن والقتل الجماعي والإبادة وهذا يظهر اليوم في فلسطين وغزة. والعجيب أننا نجد متشدد ديني يركب سيارة فارهة المانية، ويأكل وجبة طعام ايطالية مع قليل من نبيذ بوردو الفرنسي من شاتو دي كيم وينسق خطط ارهابية من خلال هاتفه الذكي البلجيكي الموصول بالأقمار الصناعية الأمريكية ليفجر نفسه بين أبرياء بمواد متفجرة شديدة الانفجار تم تعديلها بتقنيات النانو التي ليست موجودة الا في الغرب، هل هذا هو الغرب الذي أردناه وشعوبه أرادته … فهنا يأتي دور لبنان، بمسيحييها، فإنهم مع قلتهم، قد يكونون المحرّك والمحفز أساسي للتغيير والاصلاح في حضارة الغرب بكل اوروبا، وفي اصلاح ثقافة الغرب الاصيل في فرنسا والمانيا وبريطانيا، فإنهم الضمير الحي في اوروبا والقلب النابض في روما والبيزنطة والفاتيكان، هم روح روحانية الحضارة الغربية، هم فرسان الدين المسيح السماوي وحمَلة أسراره المخفية التوحيدية في مكاتبهم، هم رسل النصوص الاصيلة الموجودة بين كنوز الكنيسة. هم حواريو المسيح اليسوع بعد قيامه. في القريب العاجل لبنان ومصر سيكونان عتبة الخلاص لاوروبا المنهارة من الإبادة.

المزيد

قنواتنا

الوصول إلينا

Our Channels