أدوات البناء في الحضارات مختلفة ومتنوعة في المسار والنتيجة : أمّا مسار الوصول إلى الحضارة الإسلامية، فطويلٌ عسيرٌ بما لا يخرجه عن دائرة الإمكان والأمل الواقعي، يمكن أن نعدَّ من الأدوات الرئيسة التي يستند إليها بناء الحضارة الإسلامية الحديثة، مضافاً إلى التمسّك بالشّواخص المذكورة سابقاً، إذ لا يخرجها دخولُها في الغاية عن دور الإعداد والتّأثير في الحضارة المتكاملة: – العلم: للإنتاج العلمي مكانةٌ خاصّة في خريطة فكر القائد وخطاباته، لا حضارةَ بدون إنتاجٍ علميٍ وثقافيٍ خاصٍّ يمثّل وجهها الفكري ويضمن أصولَها وقيمَها ويؤمِّن فيها الرفاه والعمران المادي. – الثّورية: لا تاريخ انقضاء للشّعارات الثّورية ، فبناءُ الحضارة وحمايتها وتعزيزُها ثورةٌ مستمرة، والحركة الثّورية في فكره هي الحركةُ الواعيةُ المنضبطة ، ومحلُّها الجامعاتُ والأسواق والإدارات والبيوت، فهي القوّة والنشاطُ الضروريّان بل روحُ الحضارة الإسلامية ونبضُها. – النّموذج: ممّا يسهّل عملية الصّناعة الحضارية وجودُ نموذجٍ قريبٍ يمكن أن يُقتدى به ويُبنى على منجزاته، كنواةٍ صغيرةٍ للمشروع الكبير الذي يجمع أطرافَ البلادِ الإسلاميةِ والمسلمين، وفي اعتقاده فإن الثّورة الإيرانية تصلح لتكون نموذجاً تُبنى الحضارة الإسلامية على أساسه. – الاعتبار: معرفةُ الماضي ركنٌ في صناعةِ المستقبل، وللإسلام تجربةٌ حضاريةٌ عملاقة وضع حجرَ أساسها رسول الله (ص) واستمرّت لقرون في صدارة الحضارات العالمية؛ فلا يمكن لبناة الحضارة الإسلامية الحديثة إغفالُ تلك الحضارة القديمة وإهمالُ الاستفادة من مقوّماتها الخاصّة، بل إنّ التجارب التاريخية عموماً تمثّل في الإسلام، وفي فكره، مصدراً معرفياً لا ينبغي تضييعه. – تربية جيل ثوري: تحتاج الحضارة الإسلامية إلى إنشاء جيلٍ بمواصفاتٍ خاصّةٍ يتحمّل مسؤولية إكمال مسيرة البناء؛ فيجب أن يكون شجاعاً، متعلّماً، متديناً، مبتكراً، واثقاً بنفسه، غيوراً . – الأمل: فللأمل والتفاؤل والنظرة الإيجابية إلى المستقبل دورُ المحرّك وقوةِ الدّفع في المسير الحضاري الحي، على أن يكون مبنياً على الحقائق والوقائع والتّحليل الدقيق؛ لذلك فإنَّ القائد ينظر بعين الأمل والواقعية ويستشرفُ المستقبل فيراه-جازماً- للإسلام وحضارته، ويحذّر من اليأس فإنّه من إلقاءات الأعداء يريدون به صدَّ هذا السّيلِ العارم وشلَّ حركته.