*استعراض نظريات تنمية المجتمع*

*استعراض نظريات تنمية المجتمع*

هناك عدد من النظريات الحديثة التي تركز على المجتمع ووظائفه والتنمية المجتمعية وهنا نفتح الباب أمام خريطة النظريات الاجتماعية الحديثة التي تفسر المجتمع ووظائفه، وتُعدّ أساسًا لفهم العمل التنموي والاجتماعي مثل الذي ينفّذه الصندوق الاجتماعي للتنمية في اليمن.

 النظريات، مرتّبة من الأكثر شهرة وتأثيرًا إلى النظريات الحديثة المتفرعة عنها، مع شرح موجز ومقتطف يوضح جوهر كل نظرية وأقسامها:

🌍 *أولا: النظرية البنيوية الوظيفية* (Structural Functionalism)

الرواد: إميل دوركايم، تالكوت بارسونز، روبرت ميرتون.

الفكرة الأساسية:

المجتمع ككائن حي، كل جزء فيه يؤدي وظيفة تساهم في استقراره وتوازنه.

“يستمر المجتمع بفضل ترابط مؤسساته، مثلما يستمر الجسد بفضل تكامل أعضائه.” — دوركايم

الأقسام:

الوظائف الظاهرة (المعلنة والمقصودة).

الوظائف الكامنة (غير المقصودة).

الاختلال الوظيفي (النتائج السلبية).

أهميتها:

تعدّ أساس كل النظريات التي ترى أن التنمية أو العمل الاجتماعي يهدفان إلى إعادة التوازن للنظام الاجتماعي.

⚖️ *ثانيا: نظرية الصراع الاجتماعي* (Conflict Theory)

الرواد: كارل ماركس، ماكس فيبر، رالف دارندورف، سي. رايت ميلز.

الفكرة الأساسية:

المجتمع لا يقوم فقط على التوازن، بل أيضًا على الصراع بين الطبقات والمصالح؛ التنمية هنا ليست محايدة بل أداة لتوزيع السلطة والثروة.

“تاريخ كل المجتمعات حتى الآن هو تاريخ الصراع الطبقي.” — ماركس

الأقسام:

الصراع الطبقي (ماركسي).

الصراع التنظيمي والسلطوي (فيبري).

الصراع الثقافي والعرقي والرمزي (حديث).

في العمل التنموي:

تنظر هذه النظرية إلى التنمية كوسيلة لتمكين الفئات المهمشة وكسر احتكار السلطة الاقتصادية والسياسية.

🤝 *ثالثا: نظرية التفاعل الرمزي* (Symbolic Interactionism)

الرواد: جورج هربرت ميد، هربرت بلومر، إرفينغ غوفمان.

الفكرة الأساسية:

المجتمع يتشكل من تفاعلات الأفراد اليومية والمعاني التي يعطونها للأشياء، لا من البنى المادية فقط.

“لا وجود للمجتمع كشيء مستقل، بل كمحصلة لمعاني يتبادلها الأفراد في حياتهم اليومية.” — بلومر

الأقسام:

– التفاعل الرمزي الكلاسيكي (ميد، بلومر).

– الدراماتورجيا الاجتماعية (غوفمان): المجتمع كمسرح، والأفراد كممثلين يتبادلون الأدوار.

في التنمية:

تؤكد على أهمية المشاركة الشعبية وتمكين الأفراد، لأن التغيير الحقيقي يبدأ من تغيير المعاني والسلوك.

🧩 *رابعا: نظرية النظم الاجتماعية* (Social Systems Theory)

الرواد: نيكلاس لومان، امتدادًا لبارسونز.

الفكرة الأساسية:

المجتمع منظومة معقّدة تتكون من أنظمة فرعية (اقتصاد، تعليم، سياسة…) تتفاعل وتتطور باستمرار عبر التغذية الراجعة (Feedback).

“المجتمع لا يتغير من الأعلى، بل من التطور الذاتي لأنظمته الداخلية.” — لومان

الأقسام:

النظم المفتوحة (تتبادل التأثير مع البيئة).

النظم المغلقة (تحافظ على تماسكها الذاتي).

في التنمية:

تُستخدم لتصميم أنظمة مؤسسية مرنة تتكيف مع الأزمات ومنها مع تغيرات النظام السياسي والاقتصادي دون أن يفقد استقلاليتها.

🧱 *خامسا: نظرية رأس المال الاجتماعي* (Social Capital Theory)

الرواد: بيير بورديو، جيمس كولمان، روبرت بوتنام.

الفكرة الأساسية:

الثقة والعلاقات والشبكات الاجتماعية هي رأس مال غير مادي يعزز التنمية.

“المجتمعات التي يتعاون أفرادها بإرادتهم، تبني تنمية أسرع من تلك التي يغيب عنها رأس المال الاجتماعي.” — بوتنام

الأقسام:

الرأسمال الاجتماعي الترابطي (العلاقات داخل الجماعة).

الرأسمال الاجتماعي الجسري (العلاقات بين الجماعات).

الرأسمال الاجتماعي الرابط (العلاقات بين المجتمع والدولة).

في التنمية:

هي التي تعزز العمل الجماعي والثقة المجتمعية لبناء مشاريع مستدامة.

💡 *سادسا: نظرية التمكين* (Empowerment Theory)

الرواد: جولين رابابورت، وباولو فريري (في التعليم التحرري).

الفكرة الأساسية:

العمل الاجتماعي الناجح يقوم على تمكين الأفراد والمجتمعات للتحكم في مصيرهم.

“لا تنمية بدون وعي، ولا وعي بدون مشاركة.” — فريري

الأقسام:

التمكين الفردي (مهارات، ثقة، معرفة).

التمكين المجتمعي (تنظيم، قيادة، مساءلة).

التمكين المؤسسي (بناء مؤسسات متماسكة وشراكات عادلة).

في التنمية:

تعدّ حجر الزاوية في برامج المشاركة المجتمعية وتمكين الشباب.

🧭 *سابعا: نظرية التنمية المجتمعية* (Community Development Theory)

الرواد: موردوك، ماكنيل، جيمس ميد.

الفكرة الأساسية:

التنمية لا تُفرض من الخارج، بل تُبنى من الداخل عبر مشاركة المجتمع المحلي في كل مراحل التخطيط والتنفيذ.

“أفضل مشروع هو الذي يشعر الناس أنه مشروعهم هم.”

الأقسام:

التنمية من القاعدة إلى القمة (Bottom-up).

التنمية المستدامة (Sustainable Development).

التنمية التشاركية (Participatory Development).

في التنمية:

هي النظرية التي تعتمد نهج التنمية المجتمعية بالمشاركة في القرى والمديريات.

🌐 *ثامنا: نظرية الحداثة والتبعية في التنمية* (Modernization & Dependency Theories)

الفكرة الأساسية:

– نظرية الحداثة: التنمية تعني السير على خطى الدول الصناعية المتقدمة.

– نظرية التبعية: الدول النامية لا تتخلف بسبب ذاتها، بل بسبب تبعيتها الاقتصادية والسياسية للدول الغنية.

– “الجنوب فقير لأن الشمال غني، وليس العكس.” — أندريه فرانك

في التنمية:

النظرية الأولى تركز على نقل التكنولوجيا والإدارة الحديثة،

بينما الثانية تحذر من الهيمنة المانحة وضرورة الاستقلال التنموي.

⚙️ *تاسعا: نظرية رأس المال البشري* (Human Capital Theory)

الرواد: ثيودور شولتز، غاري بيكر.

الفكرة الأساسية:

الاستثمار في الإنسان — بالتعليم والتدريب والصحة — هو الطريق الأمثل للتنمية المستدامة.

“الثروة الحقيقية لأي مجتمع ليست في موارده الطبيعية، بل في قدرات أبنائه.” — شولتز

في التنمية:

تُطبَّق في برامج عديدة ومنها المهنية (كالتدريب على اللغات او التصوير أو الحرف) لخلق وظائف وتنمية المهارات.

🔄 *عاشرا: نظرية المرونة الاجتماعية* (Social Resilience Theory)

حديثة جدًا – ظهرت بعد الأزمات العالمية والمناخية.

الفكرة الأساسية:

– قدرة المجتمعات على التحمل والتكيف والتعافي بعد الأزمات أهم من قدرتها على تجنبها.

– “المرونة هي أن تنهض رغم الانكسار، لا أن تتجنب السقوط.”

اخيرا

يشكّل الإيمان بظهور الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ركيزةً عقائديةً راسخة في الوجدان الإسلامي، وخصوصًا في مدرسة أهل البيت (ع). وقد حفلت الروايات الشريفة بعلاماتٍ تسبق الظهور المبارك، لم تُذكر بغرض إثارة التوقيت أو إشاعة التكهّن، بل لتهيئة الوعي، وشحذ البصيرة، وتمييز المناخ التاريخي العام الذي يسبق دولة العدل الإلهي.

أولًا: تقسيم العلامات

تُجمع الروايات – كما يبيّنها العلماء الشيعة في روايات الظهور – على إمكان تقسيم علامات الظهور إلى نوعين رئيسيين:

1. العلامات العامة

وهي علامات تمتد عبر الزمن، لا تحدد وقتًا قريبًا للظهور، بل تصف حالاتٍ اجتماعية وأخلاقية والاصطفافات العسكرية والسياسية مثل:

انتشار الظلم والجور عالميًا

انقلاب المفاهيم واختلاط الحق بالباطل

ضعف القيم الدينية وابتعاد الناس عن روح الدين

تصدّع الأنظمة السياسية وتآكل الشرعيات

هذه العلامات – على أهميتها – لا تعني قرب الظهور الزمني، لكنها تشكّل الأرضية العامة التي تسبق عصر الظهور.

2. العلامات القريبة (المتسلسلة)

وهي العلامات التي إذا تحقّق بعضها تتابع الباقي بسرعة، كما ورد في الروايات:

«كخرز السبحة إذا انقطع سلكها»

أي أنها علامات مترابطة ومتقاربة زمنيًا، وتشير إلى الدخول في المرحلة الأخيرة قبل الظهور.

ثانيًا: بداية العلامات القريبة – آراء في تحديد نقطة الانطلاق

يذكر عصر الظهور وجود آراء معتبرة بين الباحثين تفيد بأن العلامات القريبة قد تبدأ بأحداث كبرى في بلاد الشام، ومن أبرز ما ورد في هذا السياق:

*الخسف في حرستا (منطقة في محيط دمشق)*

*معركة قرقيسيا في منطقة دير الزور، وهي معركة كبرى توصف بأنها صراع بين قوى جبابرة (قوات من دول كبرى) والاكراد والتكفيريين و تركيا*

وتشير الروايات إلى أن قرقيسيا تشهد تدافعًا دوليًا وإقليميًا واسعًا، تتداخل فيه قوى متعددة، وتسيل فيه دماء كثيرة، من دون أن يكون النصر الحاسم لأي طرف.

*ثالثًا: التيارات الفاعلة في المناخ العام لروايات الظهور*

من خلال الاستقراء العام للروايات – لا من باب الجزم ولا التعيين – يمكن ملاحظة أن الصراع في آخر الزمان لا يكون فوضويًا محضًا، بل تتحرك فيه تيارات كبرى داخل العالم الإسلامي:

1. تيار سني مرتبط بتركيا

تيار يتكئ على ذهنية عثمانية توسعية، يسعى إلى استعادة نفوذ إقليمي واسع، ويستخدم أدوات سياسية وعسكرية تحت عناوين متعددة.

2. التيار السلفي التكفيري

وتشير بعض الروايات – بحسب تحليل عصر الظهور – إلى أن هذا التيار يشتد خطره بعد اضطراب الحكم في الجزيرة العربية، وتحوله من حكم مركزي إلى حالة فوضوية، بما يفسح المجال لتيارات تكفيرية متطرفة.

3. التيار الشيعي الخراساني

وهو التيار الممهد، القادم من المشرق، والذي تذكر الروايات أنه يرفع راية نصرة الإمام (ع)، ويضم أقوامًا متعددة، وقد أشارت بعض التحليلات إلى شمول أقوام الهزارة ضمن هذا الامتداد الجغرافي-البشري و من ضمنها الراية الأهدى راية اليماني في اليمن العزيزة.

رابعًا: التوسّع التركي والمناخ الروائي للظهور

انطلاقًا من هذا الفهم، فإن كل توسّع تركي في الجغرافيا الشامية – سواء في سوريا، أو محيط الأردن، أو حتى في الضفة – لا يُقرأ بالضرورة كتعيينٍ قطعي لعلامة، لكنه قد ينسجم مع المناخ العام الذي تصفه روايات الظهور:

صراع نفوذ

تعدد جبهات

تداخل دولي وإقليمي

انهيار الحدود التقليدية

ولهذا، فإن الاشتباكات الأخيرة بين الأكراد، وقوات الجولاني، وعناصر مدعومة من تركيا في مدينة حلب، قد تُفهم – لدى بعض المؤمنين – على أنها اقتراب من الصورة العامة التي رسمتها الروايات، لا من باب الفرح بالدماء، بل من باب الإحساس بأن التاريخ يقترب من مفترقٍ حاسم.

خامسًا: بين الاستبشار والوعي

إن الاستبشار بقرب الفرج لا يعني التسرّع في إسقاط الروايات على الوقائع، ولا تبرير الحروب، بل يعني:

تعزيز الوعي

الثبات على خط الحق

الاستعداد الأخلاقي والروحي

عدم الاغترار بالقوى الظالمة مهما تعاظمت

فالفرج – كما تؤكد الروايات – يأتي بعد الامتحان، لا قبله، وبعد اشتداد الظلمة لا في رخائها.

نهاية استكبار نتانياهو

خاتمة

إن علامات الظهور، كما وردت في عصر الظهور، ليست خارطة توقيت، بل خارطة وعي. وهي تدعونا إلى قراءة الأحداث بعينٍ بصيرة، لا بعينٍ منفعلة، وأن نكون من أنصار الحق في زمن الغيبة، لعلّنا نُكتب في زمرة المنتظرين الصادقين.

«أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج»

في التنمية:

تُستخدم اليوم في برامج الاستجابة للأزمات والمناخ خاصة في المناطق المتضررة من السيول والنزاعات لتمكين المجتمعات من التكيف مع الواقع الجديد بدل انتظار المساعدات الدائمة