نحو تضامن معيشي في البلاد

*نحو تضامنٍ معيشي في البلاد* محمد كوراني

*يعيش اللبناني اليوم تحت ضغطٍ معيشي غير مسبوق، حيث اجتمعت الأزمات الاقتصادية والسياسية والحصار الخارجي لتجعل من تأمين أبسط مقوّمات الحياة تحديًا يوميًا. لم تعد المشكلة محصورة بارتفاع الأسعار أو تدهور قيمة العملة، بل امتدّت إلى عمق الأمن الاجتماعي، إذ بات فقدان السكن أو فقدان الوظيفة أو العجز عن تأمين الغذاء الشهري واقعًا يطرق أبواب الكثير من العائلات.*

*في هذا السياق، يصبح من الضروري أن نعيد النظر جميعًا، كطبقات اجتماعية مختلفة، في طموحاتنا ومستويات عيشنا. المطلوب أن ينزل كلّ واحدٍ منا درجة عن المستوى المعيشي الذي اعتاده، وأن يتخلّى عن بعض الكماليات، بخطوةٍ واحدة على الأقل، كي يوفّر مساحةً من القدرة لمساعدة الآخرين. فالتنازل البسيط من المقتدر قد يعني حياةً أكثر كرامةً لمن فقد السكن أو عجز عن شراء قوت الشهر.*

عدم التكيّف الشباب

*لقد تابعتُ عن قرب العديد من الحالات الخاصة غير المرضية وغير علاجية، ووجدت أنّ السبب الأبرز في العجز عن تأمين الغذاء الشهري لا يقتصر على الأزمة الاقتصادية فقط، بل يرتبط أحيانًا بعقلية رافضة للتكيّف. فعددٌ كبير من الشباب، حين يخسر وظيفته المكتبية أو شبه المكتبية، يعجز عن الانتقال إلى عملٍ جسدي أو عملي. هذه الذهنية تساهم في تفاقم البطالة وتعطيل فرص الرزق، بينما المجتمع أحوج ما يكون إلى كلّ يدٍ عاملة.*

*إنّ الحل لا يكمن فقط في المساعدات الطارئة، بل في تشجيع شباب المدينة والضاحية على الانخراط في النشاطات المدنية والعملية: العمران، الصيانة، الزراعة، والخدمات الإنتاجية. هذه المجالات قادرة على فتح أبواب رزق حقيقية وتوفير بدائل واقعية عن انتظار وظيفةٍ مكتبية نادرة أو راتبٍ شبه مفقود.*

*إنّ التضامن المعيشي اليوم ليس شعارًا أخلاقيًا فقط، بل ضرورة للبقاء. وإذا ما قرّر كلّ فردٍ أن يهبط درجةً عن مستوى رفاهيته لمساعدة أخيه المحتاج، وإذا ما شجّعنا أبناءنا على العمل المنتج مهما كان متعبًا، فإننا نكون قد فتحنا الطريق نحو مجتمعٍ أكثر صلابةً وقدرةً على مواجهة الأزمة وتأمين لقمة العيش بكرامة.*

*من جهة أخرى، ترشيد الشباب على الوظايف المتاحة و تشجيعهم على الاعمال الجسدية والعملية بعيدا عن المكاتب، تحتاج الى حركة اعلامية ، توعوية و تثقيفية و تضافر الجهود و مشاركة الزعماء والقيادات السياسية والاجتماعية في هذه النشاطات و في ايجاد فرص عمل حقيقية في الجنوب والبقاع، خاصة الارياف و توجيه القوى المسلحة الى نشاطات عمرانية و خدماتية و زراعية في وقت وقف الاطلاق النار .*

 

روابط إضافية

مقالات إضافية

باطن الارض أفضل من ظاهرها،…

*بَاطِنُ الأَرْضِ أَفْضَلُ مِن ظَاهِرِهَا* محمد كوراني في زمنِ العواصفِ الجيوسياسيةِ العاتيةِ،…

*الملذّات في حياة الإنسان: طريقٌ…

*الملذّات في حياة الإنسان: طريقٌ نحو الكمال لا نحو الغرق* يُخطئ كثيرٌ…

الاثرياء يبنون ملاجئ لهم

المليارديرات حول العالم يبنون ملاجئ تحت الأرض لأنفسهم بشكل جماعي. • زوكربيرغ…

مقالات إضافية

باطن الارض أفضل من ظاهرها،…

*بَاطِنُ الأَرْضِ أَفْضَلُ مِن ظَاهِرِهَا* محمد كوراني في زمنِ العواصفِ الجيوسياسيةِ العاتيةِ،…

*الملذّات في حياة الإنسان: طريقٌ…

*الملذّات في حياة الإنسان: طريقٌ نحو الكمال لا نحو الغرق* يُخطئ كثيرٌ…

الاثرياء يبنون ملاجئ لهم

المليارديرات حول العالم يبنون ملاجئ تحت الأرض لأنفسهم بشكل جماعي. • زوكربيرغ…