معادلات التسديد الالهي في السنن الإلهية، كتاب الحق والشرعية عند العرفاء الشيعة المتأخرين

معادلات التسديد الالهي في السنن الإلهية، كتاب الحق والشرعية عند العرفاء الشيعة المتأخرين، محمد كوراني

المحرك الأساسي والمحفز الواقعي في أي خطوة يقوم بها الإنسان هي المصلحة والمنفعة والنتيجة المترقبة لهذه الخطوة، فالإنسان بطبيعته قبل أن يسأل نفسه هل يحق لي القيام بهذا الأمر، يتطلع إلى النتيجة والنهايات والاحتمالات الموجودة والحوافز. خاصة عندما يتعلق الأمر بالشأن العام، المجتمع، أو بالحكومة حيث له تبعات كثيرة.

من منطلق ديني، جميع الديانات تقدم نظاماً من المصالح والمنافع لايظهر معظمها إلا في عالم ما بعد الموت، أمّا الوعد بظهور النتائج في الدنيا فإنها تخضع لحسابات معقدة عند جميع الديانات، نجدها تحت عنوان شروط “نصرة الله”، هي مثل “شروط إجابة دعاء المؤمن” خاضعة لمعادلات متنوعة، جميع الديانات تؤكد أنّ المقصود الأساسي من النصرة والتسديد عند الله هو المعنى الأخروي والمعنوي للنصر، مع ذلك جميع هذه الديانات يعترفون بأن النصر والتسديد لا يمكن أن يقتصرا على النصر والتسديد الديني في الآخرة، {وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين} الصف/13..

فالإسلام يعتبر النصر الحقيقي المطلق لا يتحقق إلا في الآخرة، حيث كان يعتبر الرسول الأكرم (ص) ؛ الهداية والإصلاح في إطار الفرد والأمة هي أهم نصر بل هي النصر الحقيقي. وعندما نراجع سيرة النبي الأكرم ص نرى أنه كان في جميع خطواته يفضل هداية الناس على استمرارية الدولة والحكم. (ولَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ ولَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ).

في الواقع التركيز على النصر الدنيوي في الديانات تكون إمّا في الهداية وإمّا في المواقف الفردية، والنصر الدنيوي بمعناه المتعارف، لم يكن يوماً مطروحا في الإسلام كمحفز من المحفزات الأساسية أو حتى غير الأساسية، خاصة إننا نجد بأنّ “الابتلاء” هو من أهم سنن الحياة وسنن الدنيا عند الله، إلا ما رحم ربي  (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31). لكن هناك استثناء واحد وهو في خلافة الأرض ووراثتها، فقد نجد تأكيدا خاصا على هذا الموضوع، حيث أصبح هذا العنوان من أهم السنن الإلهية الحتمية.

من جهة أخرى لاجل إظهار حقانية الدين، فلابد أن يكون هناك وعداً بالنصر في هذه الدنيا، إلى جانب الأنتصارات الأخروية لكي يكتمل التحدي بين الفكر الصحيح والفكر المزيف والدين الحق والمعتقد الباطل والعقيدة الناسخة والمنسوخة. لا شك أن احترام جميع الناس من اي الديانات والمذاهب أمر ضروري، لكن من المستحيل الايمان إلا بمذهب واحد وديانة واحدة وحقيقة واحدة . ومن يدعي الإيمان بجميع الديانات فهو لا يؤمن بشي، إلا بإستحساناته المنتقاة من هذه الديانات من خلال تفسيره بالرأي و مزاجه، لأن نفي الأغيار شرطٌ للإيمان بشيء ولا يمكن انتقاء مقتطفات من كل دين ومذهب، لأن الباقي من كل دين، قد يكون  لب هذا الدين والدين كلٌ لا يتجزأ، بعضها من بعض. فالتحدي الموجود بين الديانات والمذاهب، وبالأحرى بين الحق والباطل، يقتضي أن يكون هناك وعد بالنصر الدنيوي إلى جانب النصر الآخروي والمعنوي.

*درجات النصر الدنيوي :*

من اهم شروط النصر الدنيوي هو التناسب بين العمل والتسديد الإلهي فالعمل الفردي عادة يؤدي إلى تسديد الهي فردي ومعنوي. والعمل الجماعي قد يؤدي إلى تسديد الهي جماعي وحتى مادي ودنيوي. { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } الأعراف/96. وعلى ذلك فأنّ النصر الدنيوي للمذاهب والديانات على درجات وأنواع مختلفة وغالبا يكون النصر أمر نسبي، حيث ينتصر الشخص في معركة ويهزم أو يقتل في ما بعد ولذلك نجد الدرجات التالية تظهر في انواع النصر:

1 – عندما يتعلق النصر بمذهب معين فمجرد بقاء هذا المذهب واستمرارية هذه العقيدة والفكر على الشكل الذي كان منذ البداية هو من الانتصارات المهمة.

2 – التوسع في اتباع الفكر والعقيدة على شكله المعهود كديانة شائعة ورائجة، بحيث يسمع نداءه في أقصى نقاط العالم أيضا من أهم الأنتصارات.

3 – هيمنة مذهب وفكر معين على جميع الديانات والمذاهب، بحيث يفرض نفسه كقوة حقيقة في العالم والذي هو على بحد ذاته على درجات مختلفة، أيضا من أهم الانتصارات وأكثرها وضوحاً.

فقلنا أن التسديد الالهي على أنواع وهو إمّا تسديد فردي، أو جماعي وهو إمّا تسديد معنوي وأخروي إمّا هو تسديد مادي ودنيوي والتسديد الهي قد يكون زماني أو مكاني، وقد يكون تسديد الهي حاسم لكنه قد لا يكون نهائي ويكون نصراً في جولة معينة ومرحلة محددة وفي موقف معين. وموضوع نقاشنا هو النصر المادي والدنيوي والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين،

-نصر مرحلي

-النصر النهائي المطلق

النصر المرحلة في الأمثلة السياسية، يحتاج إلى أمرين: الأمر الأول نصر مشروع سياسي معين على بقية المشاريع المنافسة بعد التحدي، بحيث يعترف المنافسين بهذا الفوز والنصر  ولو تغلب مشروع آخر بعد انقضاء الفترة المتعارفة، والأمر الثاني هو خلود هذا المشروع في الذاكرة التاريخية بحيث نعتبر بأنّ هذا النصر شكل فارقا بالنسبة للحالات المنافسة. أما النصر النهائي المطلق هو النصر الذي يكون حاسماً ونهائياً، وعلى سبيل المثال، نستذكر هنا في هذا الاطار مصطلحات “الألفية الثالثة”، “دولة آخر الزمان”. حيث يكون النصر، نصرا ماديا حقيقيا مطلقا لا يمكن إنكاره أو نفيه.

” يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” (8) سورة الصف “وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ …” القصص: 5 و6) (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55).

وبما ان حسب النصوص الدينية، ليس هناك نصر نهائي مطلق إلا في “خلافة الأرض ووراثته” وكما هو مصطلح حكومة آخر الزمان وهو أمر نسبي ويشير البعض الى مصطلح الألفية كعلامة على النصر المبين والمطلق، فكل مشروع سياسي – إسلامي من حالة إسلامية أو تيار اسلامي أو حتى حكومة اسلامية لا يمكن أن يضمن لنفسه بأن نصر الإلهي يحالفه ليتجاوز النصر المعنوي – الديني ويصل إلى النصر المادي الدنيوي بمعناه الحاسم والنهائي الذي لا رجوع ولا تراجع فيه، ليس هناك غير المعصوم يستطيع إعطاء وعد بنصر حاسم ونهائي، يشمل جميع الكمالات الدنيوية والآخروية معاً.

على سبيل المثال، في شعارات الثورة وفي خطابات تاسيس الحكومة الاسلامية لم نجد عند مؤسسي الثورة والدولة الاسلامية ما يدل على أن هذا البلد يمكن تحويله إلى جنة منفصلة عن كل المنطقة وأن هذا البلد بعد الثورة فجأة يتحول إلى المدينة الفاضلة والعدالة تعمّ كل البلاد و… لكن هناك وعد بالنصر الالهي في الغلبة على المشاكل والأزمات التي تقف أمام البلاد من حروب وحصار و…و هذا ما وجدنا بالفعل خلال أربعين عاما و نيف . لذلك لا يمكن أن نتوقع من هذا النظام ما لم يتم ادعاءه بالاساس ولا يمكن توقع شيء مستحيل أن يتحقق في زمن المعصوم. فالنصر الالهي الموعود هنا في التغلب على الازمات ومشاكل المرحلة وليس بشكل حاسم ونهائي كما لا يعدنا الدين به إلا في حكومة القائم (عج).

المؤكد في سنن الله، حسب ما نراه في تراث علماء الدين والعرفاء هو أن من الممكن أن تجتمع أكبر نسبة من الإمداد والتسديد والعون الإلهي المعنوي مع أكبر نسبة ممكنة من الإمداد والتسديد والعون الإلهي المادي في حركة اسلامية أو حالة إسلامية أو تيار إسلامي أو حتى حكومة إسلامية وهذا مرهون بشروط عدة ؛ بعضها موجود في الايات القرآنية التي تتكلم عن سنن الله ومنها:

•العمل من الشروط الضرورية للتسديد الالهي فلا يمكن توقع تسديد الهي بدون عمل {… فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } المائدة 24

•الايمان من الشروط الضرورية للتسديد الالهي (وكان حقاً علينا نصر المؤمين)

•التقوى من الشروط الضرورية للتسديد الالهي (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً)

•الثبات من الشروط الضرورية للتسديد الإلهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

•الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر، تستجلب التسديد الإلهي

•إقامة حدود الله، تستجلب التسديد الإلهي

•الحجاب والعفاف، ودور المرآة في المجتمع  تستجلب التسديد الإلهي

•نصرة الله تستجلب التسديد الإلهي (إن تنصروا الله ينصركم)

•لابد من تناسب بين التسديد المتوقع والعمل المبذول- (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) (النساء: من الآية 123)

•درجة الاخلاص تزيد من نسبة التسديد الالهي بحيث قد يؤدي عمل فردي الى مردود يعادل “عبادة الثقلين”

•بركة الله على أشخاص واعمال، تزيد من العون والتسديد الإلهي

•توافق بين اعمالنا والسنن الالهية تؤدي إلى اكثر مردود ممكن من اقل مجهود

•التعاون على البر والتقوى, والنهي عن الاثم والعدوان,

•السنن الإلهية

سنن الله (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً) (فاطر: من الآية 43)، (الفتح: من الآية 23)، فالتغيير سنة ثابتة من السنن الإلهية تفرض نفسها، وضابطها قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد: من الآية 11)

الأخذ بالأسباب واعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل

-الوحدة وعدم الفرقة   (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) (الأنفال)،

سنة التداول : (تِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران140)

إصلاح المجتمع يبدأ من الداخل والتحرك يبدأ من الفرد: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الأنفال: من الآية 55)

علل النصر في الحرب، كان يظنوا أنهم ملاقوا الله،  وهم أذلة،

اقامة العدل : ساعة إمام عادل افضل من عبادة سبعين سنة، وحد يقام لله في العرض أفضل من مطر أربعين صباحا

اقامة حدود الله : قال أبو جعفر (عليه السلام): حد يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين ليلة وأيامها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إقامة حد خير من مطر أربعين صباحا

مجتمع مبني على نظام الأبوة في البيت والعائلة وليس المرأة والأطفال.

الأعلمية في القيادة والحكم

سنة الله في نصرة الولاية

الوجه الأخر للولاية في الإسلام والذي (وَمَا نُودِي‌َ بِشَي‌ءٍ ـ وَلَمْ يُنَادِ بِشَي‌ءٍ ـ كَمَا نُودِيَ بِالْوِلاَيَةِ) هي “أعلمية القائد”. والأعلمية هنا بمعناه الإلهي والرباني والنوراني. فالأعلمية في الحكم والقيادة، في المجتمع وفي العالم تؤدي إلى سنة الله المؤكدة بنصرة المؤمنين نصرا حاسما ونهائيا : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ  محمد/٧﴾ ؛ عن سُليم بن قيس أنه قال: سمعت عليّ بن أبي طالب عليه السلام- قبل وقعة صفّين- يقول: إنَّ هَؤُلَاءِ القَوْمَ لَنْ يُنِيبُوا إلَى الحَقِّ… ثمّ يتابع الإمام كلامه إلى أن يقول: إنّ العَجَبَ كُلَّ العَجَبِ مِنْ جُهَّالِ هَذِهِ الامَّةِ وضُلَّالِهَا وقَادَتِهَا وسَاقَتِهَا إلَى النَّارِ! إنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآلِهِ يَقُولُ عَوْدَاً وبَدْءاً: مَا وَلَّتْ امَّةٌ رَجُلًا قَطُّ أمْرَهَا وفِيهِمْ أعْلَمُ مِنْهُ، إلَّا لَمْ يَزَلْ أمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالًا حتّى يَرْجِعُوا إلَى مَا تَرَكُوا )«كتاب سُلَيم بن قيس الهلاليّ الكوفيّ» ص 147 و148، طبعة النجف(.

هذه المقدمات تؤدي إلى النتائج التالية :

1.الأول: أن ليس هناك حالة وحركة وحكومة إسلامية قبل قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، تضمن لنفسها الظروف المثالية والنصر النهائي الحاسم بمعناه الدنيوي بل هناك دور وظيفي معين.

2.الثاني أن هناك شروط وقواعد يمكن أن نحصل من خلالها على أكبر نسبة نصر مادي ودنيوي إلى جانب النصر المعنوي الديني والذي يتجلى بالكمالات المعنوية والرحمة الإلهية ومن أهمة الحركة بحسب مقتضيات الولاية والتمهيد لحركة المعصوم الغائب، لكن هذا النصر في زمن غير المعصوم لا يمكن ان يؤدي إلى العالم المثالي وإلى نصر نهائي وحاسم ومطلق.

3.العلماء الربانيون والعرفاء يؤمنون بأن خط التواصل بين المعصوم وغير المعصوم في زمن الغيبة لم ينقطع وهم يجعلون أولياء الله غير المعصومين في سلسلة من الأعلمية بحيث أن إذا كان الحكم بيد هؤلاء الأولياء، التسديد الإلهي يكون بأعلى مستوى ممكنة، من أهم التسديدات الإلهية التي يعد بها العرفاء في ظل حكومة غير المعصوم، لا تقتصر على الأجر المعنوي والديني، بل تتعداه لتصل إلى  الرفاهية الدنيوية ومنها المناخ السياسي والإجتماعي العام المقبول، هذا التسديد الالهي لا يتعلق بإزالة  الضغوطات الخارجية لكن يضمن أن الجو الغالب في الحكومة الإسلامية يصبح من التناسق والتواسي بحيث لا تشعر الأمة بالأسى ولا بالظلم العام ويكون هناك انسجام اجتماعي وأخلاقي في الداخل بين جميع طبقات المجتمع. وهناك تسديد آخر بأن تكون هذه الحكومة تكون ممهدة للحكومة العالمية تحت ظل الامام القائم (عج).

يجب أن نضيف بأن مفهومي الولاية المطلقة للولي الفقيه وعينية الولاية بين ولاية الرسول ص و ولاية الولي الفقيه، هما مفهومان أثارت الكثير من الجدل حيث أكدها الامام الخميني، ورفضها السيد الخامنائي، هما مفهومان مرتبطان بشرعية الأوامر الولي الفقيه، و اعتبرها الكثيريون ناقضا لقواعد الديموقراطية و ممهدة للديكتاتورية الدينية، لكن المشكلة هنا أن مفهوم الإطلاق والعينية هنا هما مفهومان دينيين اختلط معناه مع معنا اللغوي، و يقصد من الإطلاق والعينية هنا أن ولي الفقيه له جميع الصلاحيات التشريعية التخفيفية، بمعنى أن ما يتقضية العقل والعلم اليوم، لإدارة المجتمع، و تدبير البلاد هي موجودة عند الولي الفقيه ولا تشير إلى الصلاحيات العملية و التحميلية.

والنموذج الواضح للفرق بين الصلاحيات العملية والصلاعيات التخفيفية هي ، أن هناك في الإسلام أحكام خاصة لأهل الثغور ممن نخاف أن يتراجعوا عن دينهم، ويلتجئوا الأعداء، لذلك الرسول والولي الفقيه له صلاحية تخفيفة كاملة ليخفف عنهم بعض الشرائع لكي يستتب الأمن والأمان في البلاد ، وفي ظل العولمة وعالمية الصراع بين الخير والشر، أحكام الثغور يشكل مادة حقيقية لدراسة الأحكام الثانوية والأحكام الجديدة في البلاد الإسلامية حتى يحين دولة الإسلام.

محمد كوراني. العلوم الإنسانية الإسلامية

روابط إضافية

مقالات إضافية

ما هی ولاء المافیات الأمريكیة…

ما هی ولاء المافیات الأمريكیة من أصول جنوب آسيوية في حال اندلاع…

التوازن النووي والاحكام الشرعية

*التوازن النووي والأحكام الشرعية* محمد كوراني *كلنا نعرف أنَّ الأحكام الشرعية وُضِعَت…

الدكتور مصطفى شمران، السالك العارف…

 *الدكتور مصطفى شمران، السالك العارف بل العارف الواصل* كتاب الحق والشرعية عند…

مقالات إضافية

ما هی ولاء المافیات الأمريكیة…

ما هی ولاء المافیات الأمريكیة من أصول جنوب آسيوية في حال اندلاع…

التوازن النووي والاحكام الشرعية

*التوازن النووي والأحكام الشرعية* محمد كوراني *كلنا نعرف أنَّ الأحكام الشرعية وُضِعَت…

الدكتور مصطفى شمران، السالك العارف…

 *الدكتور مصطفى شمران، السالك العارف بل العارف الواصل* كتاب الحق والشرعية عند…