التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات، محمد كوراني

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد الوطني:

1 –  الاستقلال الصناعي والعلمي. خاصة الصناعة الالكترونية بالتزامن مع الاستقلال السياسي والثقافي. (بالنسبة للتطور الثقافي هناك المراكز العلمية الكثيرة والكتب المترجمة  الكثيرة والسينما المتطورة والمتقدمة، وقد رأينا أفلاما عظيمة مثل (فيلم أصحاب الكهف ومريم العذراء (س) والنبى يوسف (ع) والامام الرضا (ع)  والمختار..) فالحضارة لا يمكن تاسيسها إلا من خلال ثقافة متينة.

2 – التطور المدني والعمراني بعد الحرب، و في الريف و في المشاريع الوطنية الكبرى مثل السدود.

هذا التطور المدني والعمراني لم يكن لصالح العاصمة والمدن الكبرى بل كان لصالح جميع فئات الشعب وشملت جميع انحاء ايران.

3 – مشروع الطاقات البديلة للبترول والاقتصاد الخالي من البترول

في هذا الإطار، المشروع النووي تطور جدا، عندما وافق الاوروبيون على التبادل، اصبح هناك اعتراف بحق ايران في التخصيب لمستوى 3.5. وكيل وزارة فرنسي يتحدث في ندوة قائلا أن أكثر ما أذهله التطور العلمي الهائل في إيران، فما وصلوا اليه من ابحاث نووية حققوها في 20 عاما احتجنا 60 عاما حتى نحققه من قبل، كل ذلك لانهم مستقلون في قرارهم.

4- بناء الدولة وتحقيق العدالة: حيث تسعى الدولة لتوزيع الثروة بشكل عادل. واخيرا صدر قانون برفع الدعم عن السلع الاساسية ودفع تعويضات نقدية في المقابل لجميع الناس، ليكون الدعم دعماً حقيقياً وواقعيا.

5 – تخفيف من وطئة آثار الحصار الغربي.

6. الاكتفاء الذاتي في مجالات الزراعة وشتى المجالات الأخرى وتأمين الأمن الغذائي والأمن الصحي من الدواء والعلاج الضرويين.

7. القضاء على المخدرات حيث أن إيران قاومت و صمدت أمام أهم مصدر للمخدرات في العالم أي (أفغانستان).

8. تحدي جلب الاستثمارات الاجنبية رغم الحصار. ففي منطقة عسلوية وهي أكبر منطقة بيتروكيمياوية استطاع الإيرانيون أن يجلبوا من الالمان الذين استثمروا ب 7 مليارات، ومن الفرنسيون 6 مليار، ومن الهند 3 مليار.

9. التحدي الاقتصادي والسيطرة على الغلاء بشكل نسبي لبلد يعاني من حصار و أنواع الحروب والأزمات المفتعلة. (مهندس غلام عباس)

 

4 – تشديد العقوبات الغربية والواقعية في قدرة التحمل

الخطة الإقتصادية الخماسية الرابعة في سنة 2006-2010 م ، رغم تشديد العقوبات الإقتصادية ،حافظت ايران على مستوى التجارة الخارجية والعلاقات الاقتصادية الدولية مع جميع الدول الاسلامية والشرقية.

جاءت أولى العقوبات الدولية في عام 2006، عندما أصدر مجلس الأمن بالإجماع أول قرار له بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، وحظر من خلاله بيع طهران أي معدات تكنولوجية تساعدها في الصناعة النووية أو الباليستية، ومنحها مدة 60 يوماً لوقف نشاطها النووي. وفي عام 2007 وبعدما أعلنت طهران استمرارها في عمليات التخصيب، قرر مجلس الأمن تشديد العقوبات وفرض مجموعة جديدة من العقوبات، أردفها بمجموعة ثالثة في عام 2008، ورابعة في 9 حزيران عام 2010 هي الأقسى على الإطلاق، لأنها تناولت هذه المرة قطاعي النفط والغاز، نقطة الضعف الإيرانية. ومنع القرار الصادر بيع إيران أي تكنولوجيا يمكن استخدامها في هذين القطاعين اللذين يحتاجان إلى الكثير من الاستثمارات والتكنولوجيا لتطويرهما، بالإضافة إلى تشديد الحظر على عمل المصارف الإيرانية، ومنع تقديم الخدمات لإيران في مجالي النقل البحري والجوي، وتجميد أرصدة 57 شركة و42 شخصية إيرانية في الخارج. وكان لافتاً أن هذا القرار قد نال تأييد روسيا والصين، وهما اللتان رفضتا سابقاً العقوبات الاقتصادية على إيران، ناهيك بالتجاوب الكبير لدول الاتحاد الأوروبي والتزامها تطبيق العقوبات، لا سيما من دول أوروبية كانت قد حافظت خلال الأعوام التي تلت فرض العقوبات الأولى، على علاقات تجارية غنية وواسعة النطاق مع إيران.

أن الجهود الأميركية للضغط على المصارف والمؤسسات المالية العالمية قد نجحت في تقليص عدد المصارف العالمية المتعاملة مع إيران، من 46 مصرفاً في عام 2006، إلى 20 مصرفاً في عام 2008. كما أن الاتحاد الأوروبي خفّض صادراته إلى إيران من 18 مليار أورو في عام 2005 إلى 13 ملياراً في عام 2006، ناهيك بالخسائر الكبيرة التي منيت بها المصارف الإيرانية جراء حظر تعاملها مع النظام المالي الأميركي. ونظراً إلى أن غالبية المعاملات المالية تجري بالدولار، واجه رجال الأعمال الإيرانيون صعوبات في فتح حسابات بالعملة الأجنبية ويضطرون أحياناً إلى الدفع نقداً وسلفاً ثمناً لبضائعهم. كما أثمرت العقوبات تراجعاً في الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى هروب المستثمرين الأجانب في إيران، ولا سيما في قطاع النفط.  لكن برغم كل ذلك، فإن الضغوط الاقتصادية لم تؤد وفي أي شكل من الأشكال إلى تراجع إيران عن مشروعها النووي، لا بل على العكس، أدت إلى تسريع العمل في عمليات تخصيب الأورانيوم .(رندة حيدر (النهار) 27 كانون الأول, 2010)

اعطينا دليل ملموس عن ذلك بأن كان من المفترض بحسب الحسابات والمعادلات السياسية أن تنهار الدولة الايرانية بعد أشهر من اتخاذ قرار العقوبات. هذا التناقض والفشل في الوصول الى النتائج المقررة وهو مواقف ترامب الرئيس الاميركي من إيران، فبحسب المعادلات الاقتصادية والاجتماعية العلمية والصحيحة كان من المفترض أن تؤدي العقوبات الاقتصادية في 2014 على ايران الى انهيار النظام فيها خلال سنة و شهرين و أربعة عشر يوم ،،، لكن هذا الامر لم يتحقق رغم مرور أكثر من عشر سنوات و رغم كل ما جرى .

 

5- التفاف على العقوبات الظالمة

شجعت العقوبات الاقتصادية إيران على تطبيق العديد من الخطط الإصلاحية الاقتصادية، في محاولة لتحقيق “الاستقلالية” عن الاقتصاد الغربي وتاسيس لأسواق مناطقية ، خاصة مع دول الجوار، حيث حسنت علاقاتها التجارية مع دول الاسيا الوسطى، وزادت في نفوذ علاقاتها الاقتصادية مع افغانستان، والعراق، وأحيّت طريق الحرير من جديد، وحافظت على علاقاتها المتبادلة مع دول الخليج المغلوبة على أمرها. وتحسباً لاحتمال تعرض إيران إلى فرض عقوبات على استيراد حاجاتها من الوقود، بدأت بالعمل على خفض استهلاكها للبنزين، مع محاولة استبداله بالغاز الطبيعي، لا سيما في قطاعي المواصلات والصناعة المحلية. كما تشير بعض التقارير إلى إقدام إيران على تخزين كميات من البنزين في ناقلات نفطية تحسباً لأوقات الطوارئ. ومن الأساليب الأخرى التي لجأت إليها إيران لمواجهة أزمة محتملة في الوقود هو اللجوء إلى الاستيراد من دول لا تقع تحت النفوذ الأميركي.

عمدت إيران أيضاً، إلى الالتفاف على العقوبات المالية المفروضة عليها من المصارف الأجنبية، فاستبدلتها بمصارف باكستانية وهندية وفنزويلية لا تنشط في أميركا ولا تتأثر بالقيود الأميركية. وسعت إلى استبدال الأسواق الأوروبية لمنتجاتها وصادراتها بالأسواق الآسيوية، فزادت من صادراتها إلى الهند وكوريا الشمالية، وبصورة خاصة إلى الصين، إذ تشير الأرقام إلى ارتفاع هائل في حجم التبادل التجاري ما بين الصين وإيران خلال عامي 2006 و2007، ويقدر بنحو 70 في المئة، ناهيك بزيادة التصدير إلى فنزويلا وسوريا وتركيا، وأفغانستان، وآسيا الوسطى. كما ارتفع حجم الأعمال التجارية بين إيران ودول الخليج التي لجأ إليها عدد كبير من رجال الأعمال الإيرانيين (يقدر عددهم بنحو 400 ألف يقيمون بصورة دائمة هناك) إلى 12 مليار دولار سنوياً. وحاولت إيران الحصول على المعدات والمواد التكنولوجية التي كانت تشتريها عادة من دول الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان، باستيرادها من ماليزيا وأندونيسيا والصين. وبالإضافة إلى هذا كله، شجع فرض العقوبات الاقتصادية النشاط غير المشروع للشركات التي تحاول الاستفادة من الحظر الدولي المفروض في الشركات العالمية على التعامل مع إيران، من أجل الحصول على عقود مربحة معها وذلك بالاحتيال على العقوبات الدولية.

السبب الوجيه في محدودية تأثير العقوبات، يعود إلى قدرة السياستين الأمنية والخارجية في إيران على تحمل الضغوطات الاقتصادية. وأبرز دليل، عدم تأثير العقوبات على السياسة النووية الإيرانية، ولا على توجهات السياسة الخارجية. مما يدل على أن الاقتصاد ليست مجرد قواعد علميه اقتصادية ، بل هناك الكثير من الاسباب والعوامل المؤثرة السياسية والاجتماعية والثقافية ، لا يمكن إدراكها إلا من خلال النظام الولائي في الدولة الإسلامية.

السبب الثاني، قدرة إيران على استخدام نفوذها في المنطقة لمواجهة الضغوطات التي تُمارس عليها بإثارة عدم الاستقرار في دول المنطقة، ، سواء عبر مكانتها في دول شرق الأوسط، أو عبر مكانتها في دول الجوار من افغانستان والعراق وفي لبنان وفلسطين.

فالنتيجة هي أن نجاح السياسات الاقتصادية في ايران في ظل القيادة الحكيمة لا يمكن تقييمها إلا في ظل الصراع مع الإمبريالية، كما أن إسلامية أي اقتصاد في ظل عولمة الاقتصاد الاحتكاري الرأسمالي ، لا يمكن تقييمه إلا بقدر ما يشكل من استفزاز للنظام الاقتصادي العالمي .

 

6 – التمهيد لحضارة جديدة

كلنا نؤمن بأن “بقدر الكد تكتسب المعالي ” وكلنا نردد أن”من طلب العلا سهر الليالي”، في الواقع الاقتصاد في ايران، ليس اقتصاد سياحة وليس اقتصاد خدمات تجارية، حيث يمكن تدميره حقاً وصدقا بـ “كبسة زر” حاسوب، فهناك اشارات واضحة في أن رغم الحصار والعقوبات الاقصادية على إيران ، فهذا البلد أصبح يحظى بالكفاءة الذاتيه في الإنتاج الزراعي والاستقلال الصناعي والعلمي في ايران وهذا ليس دليل إلا أن ايران تسعى للحصول على ما هو أخطر من “القنبلة النووية” للغرب، وهو التمهيد والتاسيس لحضارة جديدة. فإذا جيوش المغول، إحتلت جميع العواصم المتحضرة في ذلك الزمن، في مدة زمنية قياسية لا تتجاوز مسير طريقهم بسبب القتل والجرائم البشعة التي ارتكبوها في جميع المدن والقرى، مع ذلك فإنهم لم يصمدوا أمام تلك الحضارات أكثر من عقود من السنوات لأنهم لم يقدموا حضارة بديلة لهذه البلاد المحتلة ، فهي اضمحلت في هذه البلاد وأصبحوا هم جزءا من المجتمع الإسلامي. لكن ايران الثورة لم تكتف بالسعي وراء القوة العسكرية والبنية الاقتصادية ، بل الاسلام المحمدي الأصيل قدّم لهم الارضية المناسبة للحصول على الحضارة العالمية الجديدة. حضارة العودة إلى الإسلام والسلام العالمي. و لهذا فاتورة كبيرة يتحملها الشعب الإيراني الأبي و الصامد.

روابط إضافية

مقالات إضافية

العولمة والتشويش على النوايا القلبية…

*العولمة و التشويش على النوايا القلبية* محمد كوراني *اليوم نشاهد عالماً معقداً…

التفسير العرفاني لما جرى علينا…

التفسير العرفاني لما جرى علينا اليوم من أحداث في المنطقة و أزمات…

التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات،…

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد…

مقالات إضافية

العولمة والتشويش على النوايا القلبية…

*العولمة و التشويش على النوايا القلبية* محمد كوراني *اليوم نشاهد عالماً معقداً…

التفسير العرفاني لما جرى علينا…

التفسير العرفاني لما جرى علينا اليوم من أحداث في المنطقة و أزمات…

التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات،…

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد…