مراحل التمهيدية لاقتصاد حضاري قبل العقوبات- محمد كوراني

١.الثورة ومحاربة الحرمان

نجاح الثورة في ايران تزامنت مع بدء نشاطات لجهاد البناء في جميع المناطق المحرومة في ايران، تحت عنوان العدالة والتساوي في الإهتمام. هذه الخطوة هي عبارة عن مد المياه والكهرباء وتعبيد الطرق لجميع المناطق الإيرانية التي كانت تضم اكثر من مليون كيلومتر مربع، حيث تبلغ مساحة إيران 195.648.1 كيلومتر مربع. هذه الخطوة في بداية الثورة لا تعتبر خطوة اقتصادية، لكن من منظور اجتماعى يعتبر انجازاً حقيقياً. تصوروا بعد مد شبكة الكهرباء إلى قرى الريف وصحراء فجأة أصبح عدد كبير من الناس يتوقعون أن يكون لديهم أدوات كهربائية من تلفاز،حتى الغسالة والبراد. وتخيلوا ما هي تأثير مشاهد المدينة عند اهل الريف وانعكاسها على إحصائيات الهجرة من الريف إلى المدينة. لكن في نفس الوقت تبيين الفارق الكبير بين المزارع البسيط والتقليدي وبين المزارع الذي يتعرف على الزراعة العلمية وأدواتها. فإذا هذه الخطوة اقتصاديا تحتوي على تكاليف عالية بنتائج بعيدة المدى، لم تكن من أولويات نظام الإقتصاد الغربي المعمم لدول العالم الثالث. لكن بحسب ضرورة “كسر الاحتكار الإقتصادي العالمي” نرى أن هذه الخطوة كانت ضرورية للحصول على الكفاءة الذاتية في الزراعة.

فـفي فترة الحرب، قامت الدولة بتوزيع بون إعاشات مدعومة لأربعين مليون شخص، والتي إلى جانب مصاريف الحرب، أفرغت جميع عوائد الدولة والدخل الوطني. لكن هذه الخطوة الإقتصادية كانت ضرورية لمد الحرب بالعدة والعديد. وهنا يظهر الفرق الشاسع بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصاد الشيوعي الذي يسلب ارادة الشعوب من خلال شعارات فارغة واثبتت فشلها في التحدي مع الاقتصاد الغربي، كما أن يظهر الفرق الشاسع بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصاد الرأسمالي المتوحش، الذي يسمح للأقوى اقتصاديا بدهس الأضعف في سبيل التحفيز المطلق وتحت أي ثمن كان.

 

2 – الحرب وإعادة الإعمار

بدأت إعادة الإعمار في  الجمهورية فوراً بعد الحرب، وقرر تنفيذ الخطة الخماسية الأولى للتطور والإزدهار الإقتصاديين في البلد. يقتضي علم الإقتصاد بتحرير الإقتصاد من قيود الدولة والحركة نحو إقتصاد نشط بمحورية دعم القطاع الخاص وتوجيه المجتمع بإتجاه العمل والجهد المنتج، فكانت النتيجه 97% من أهداف الخطة الإقتصادية الخماسية الأولى في مجال إيجاد فرص العمل. ودبّ النشاط والروح في البلد لتهيئة الظروف المساعدة للبدء باستخدام الإمكانيات الأقتصادية الوطنية، بعد ما أنهكتها الحرب. اما باقي التوقعات الإقتصادية في هذه الخطة الخماسية فهي مؤشرات مادية بحتة لا تعكس حركة التحرر الإقتصادي في البلد. من أهم التوجهات الإقتصادية في هذه الخطة هو دعم النقد الوطني، والتقليل من عدم التوازن بين الدخل والنفقات. مشاركة الشعب في المشاريع التجارية الكبرى، التقليل من الدعم الحكومي للسلع الضرورية، التوجه نحو حرية السوق، حذف الوسطاء التجاريين الانحصاريين. وللتقليل من الخسائر في الإقتصاد الوطني، كان من الضروري تقليل التكاثر السكاني، فحصل ذلك من خلال الدعوات من تقليل الإنجاب، فانخفضت النسبة من 3.5% إلى 2% و توجه الشعب تجاه تحسين نوعية الحياة والرفاهية بعد ما عارض بعض العرفاء هذه الخطوات بشدة وأتهموا حينها بالرجعية. لكن بعد هذه المرحلة وبعدما انقضت الحاجة أصبح هناك دعوات معاكسة، لكي يحافظ المجتمع على نسبة الشباب فيها، وعلى عنفوان المجتمع وعلى نشاطه بدلا من اتباه نمط الحياة الغربية الاستهلاكية وأعادت الى الأذهان ضرورة الرجوع الى ملاكات الدينية في تقييم المصلحة والمنفعة العامة.

 

3 – الخطط الاقتصادية الخماسية

اما الخطة الإقتصادية الخماسية الثانية في 1995-1999 م فكانت نفس الخطة الأولى مع التوجه إلى تخفيف من وطئة الاقتصاد الحرّ والتركيز على الكفاءة الذاتية في الزراعة وتدعيم البنية العسكرية، والوصول إلى إقتصاد غير بترولي. والخطة الإقتصادية الخماسية الثالثة في 2000-2003 ، كان هدفها، “التطور المستدام” (التنمية المستدامة). وكان التركيز على تصحيح النظام والأنظمة الإقتصادية في البلد من منظور علمي وتقني. لكن في النهاية، الظروف الإقليمية حددت سقف معين من التطورات لا يمكن الخروج عنها في هذه المرحلة. أصبح البلد في هذه الفترة تحت ضغوطات سياسية، أمنية، وعسكرية كبيرة، لكن أجواء التحرك السياسي في البلد، والمنافسات السياسية في هذه المرحلة أنست الشعب لمدة معينة همومهم الاقتصادية وصعوبة هذه المرحلة الإقتصادية لكي تصل الخطة الاقتصادية إلى المبتغى المطلوب. في النهاية الأمة التي تريد أن تؤسس لحضارة متقدمة في المستقبل عليها تحمل مشقة والثمن الغالي لذلك. في هذه الفترة حصدت ايران نسبة ازدهار 6,1%  ونسبة استثمار اموال 10,7%  وهذه النسب كانت أكثر من توقعات الخطة الخماسية وهذا انجاز مهم.

نتائج الخطط الخماسية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد الوطني:

1 –  الاستقلال الصناعي والعلمي. خاصة الصناعة الالكترونية بالتزامن مع الاستقلال السياسي والثقافي. (بالنسبة للتطور الثقافي هناك المراكز العلمية الكثيرة والكتب المترجمة  الكثيرة والسينما المتطورة والمتقدمة، وقد رأينا أفلاما عظيمة مثل (فيلم أصحاب الكهف ومريم العذراء (س) والنبى يوسف (ع) والامام الرضا (ع)  والمختار..) فالحضارة لا يمكن تاسيسها إلا من خلال ثقافة متينة.

2 – التطور المدني والعمراني بعد الحرب، و في الريف و في المشاريع الوطنية الكبرى مثل السدود.

هذا التطور المدني والعمراني لم يكن لصالح العاصمة والمدن الكبرى بل كان لصالح جميع فئات الشعب وشملت جميع انحاء ايران.

3 – مشروع الطاقات البديلة للبترول والاقتصاد الخالي من البترول

في هذا الإطار، المشروع النووي تطور جدا، عندما وافق الاوروبيون على التبادل، اصبح هناك اعتراف بحق ايران في التخصيب لمستوى 3.5. وكيل وزارة فرنسي يتحدث في ندوة قائلا أن أكثر ما أذهله التطور العلمي الهائل في إيران، فما وصلوا اليه من ابحاث نووية حققوها في 20 عاما احتجنا 60 عاما حتى نحققه من قبل، كل ذلك لانهم مستقلون في قرارهم.

4- بناء الدولة وتحقيق العدالة: حيث تسعى الدولة لتوزيع الثروة بشكل عادل. واخيرا صدر قانون برفع الدعم عن السلع الاساسية ودفع تعويضات نقدية في المقابل لجميع الناس، ليكون الدعم دعماً حقيقياً وواقعيا.

5 – تخفيف من وطئة آثار الحصار الغربي.

6. الاكتفاء الذاتي في مجالات الزراعة وشتى المجالات الأخرى وتأمين الأمن الغذائي والأمن الصحي من الدواء والعلاج الضرويين.

7. القضاء على المخدرات حيث أن إيران قاومت و صمدت أمام أهم مصدر للمخدرات في العالم أي (أفغانستان).

8. تحدي جلب الاستثمارات الاجنبية رغم الحصار. ففي منطقة عسلوية وهي أكبر منطقة بيتروكيمياوية استطاع الإيرانيون أن يجلبوا من الالمان الذين استثمروا ب 7 مليارات، ومن الفرنسيون 6 مليار، ومن الهند 3 مليار.

9. التحدي الاقتصادي والسيطرة على الغلاء بشكل نسبي لبلد يعاني من حصار و أنواع الحروب والأزمات المفتعلة. (مهندس غلام عباس)

روابط إضافية

مقالات إضافية

العولمة والتشويش على النوايا القلبية…

*العولمة و التشويش على النوايا القلبية* محمد كوراني *اليوم نشاهد عالماً معقداً…

التفسير العرفاني لما جرى علينا…

التفسير العرفاني لما جرى علينا اليوم من أحداث في المنطقة و أزمات…

التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات،…

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد…

مقالات إضافية

العولمة والتشويش على النوايا القلبية…

*العولمة و التشويش على النوايا القلبية* محمد كوراني *اليوم نشاهد عالماً معقداً…

التفسير العرفاني لما جرى علينا…

التفسير العرفاني لما جرى علينا اليوم من أحداث في المنطقة و أزمات…

التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات،…

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد…