من سيحكم العالم غدا؟ 5G

من كتاب خصائص الحضارة المثالية القادمة، محمد كوراني

من سيحكم العالم غدا؟ الولايات المتحدة، أم أباطرة المال أم روسيا الحديثة، أم أحد الدول الاوروبية، أم الأمم المتحدة، أم الشركات المتعددة الجنسيات، أم الياكوزا وعصابات الجرائم المنظمة الدولية أم الفاتيكان أو جمعية سرية عالمية أو دولة نكرة؟

مؤسسات الأممية و المنظمات العالمية و السلطة العميقة في العالم تعمل على أساس 20\30 بمعنى أن تتوحد القوانين و الأنظمة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والصحية و… من العام 2020 حتى العام 2030 ويظهر نظام ثقافي واقتصادي واجتماعي وصحي واحد و تذوب كل العصبيات و الديانات ويموت الرب عندهم معها خلال هذه المدة و حتى النظام الكتروني العالمي يتوحد و “5G” يجب ان تتبناها الدولة المسيطرة الحاكمة خلال هذه الفترة في كل العالم بشكل موحد والكل يعرف ذلك و الكل يعمل على هذا الاساس ؟ فإنها النار تحت الرماد والهدوء قبل العاصفة. و ما يجري اليوم في المنطقة لا يمكن فصله بتاتا عن هذا الموضوع

الولايات المتحدة اليوم أقوى دولة في العالم سياسياً وإقتصاديا وعسكرياً، فمنذ سقوط النظام الشيوعي أصبح في العالم دولة واحدة عظمى تحلم بوضع النظام العالمي الجديد‏ هي أمريكا, لكنها فشلت عدة مرات والسبب يرجع الى وجود طبقة من العائلات الثرية تحكمها كدولة عميقة ومؤسساتها شبه مستقلة ونظامها السياسي هش بش فالموروث الثقافي والاقتصادي والسياسي أصبح يثقل على كاهله‏ لأنه يتناقض مع بعضها البعض.

“يؤكد نعوم تشومسكي بأنّ: “… أميركا لن تبقى إمبراطورية في ضوء ما ستشهده من تصدعات وسط عالم متغير تسطٌر ملامحه الهبّة الروسية ونيران الشرق الأوسط، وتوترات في شرق وجنوب بحر الصين، واقتصاد مرتهن للأزمة في سوق النفط” حسب تشومسكي، فإن الولايات المتحدة تشهد “ردة وتراجع” في مسار حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، فالحرية أصبحت سلعة، والعقلانية قيمة تجارية، فالشعب الأميركي عندما يبحث عن حريته المقدسة، يعتبر حرية الآخرين ميتافيزيقيا لا تعنيه في شيء”

في الواقع أمريكا في ساعة الصفر عند احتدام الصراع والمنافسة لعل يكون لديها جميع مسببات الانفجار الكبرى لكن ليست لها مقومات الصمود والاستمرار في المنافسة. وهذا ما يؤكده ضمنيا هنري كيسنجر :” لقد أبلغنا الجيش الأمريكي أننا مضطرون لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها الإستراتيجية لنا، خصوصاً أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى “وإيران ستكون هي ضربة البداية في تلك الحرب”. عندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتهما سيكون (الانفجار الكبير) والحرب الكبرى قد قامت، ولن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي إسرائيل وأمريكا.. وسيكون على إسرائيل خلالها القتال بكل ما أوتيت من قوة وسلاح، لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط. (في الواقع لا يمكن أن تكون اليوم دولة واحدة قوة واحدة فكيف بدولتين)

يرد تشومسكى : هذه الإجابة ليست خاطئة، ولكن يتخللها الكثير من التضليل والخداع في ما يتعلق بمسارالأمور. فالدول لها تركيبة داخلية معقدة، وتتحكم في قراراتها واختياراتها القيادات السياسية الواقعة تحت تأثير “قوى أخرى”، لها نفوذ داخل تلك الدول، بينما التيار الشعبي في المعظم مُهمش، وهذا صحيح حتى في المجتمعات الديمقراطية. يضيف تشومسكي : لا نستطيع أن نعرف من يحكم العالم إلا إذا سلطنا الضوء على “أسياد البشرية” في الاقتصاد العالمي وهم “أباطرة المال” ، وفي أيامنا هذه “التكتلات والشركات المتعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الضخمة، والتي تقف خلف كثير منها قوى متنوعة تتعارض أحيانا في أهدافها وتوجهاتها مع المصالح الأميركية! وأضيف هنا بأن مدراء هذه الشركات أو أسياد البشرية أوأباطرة المال، هؤلاء بالنهاية بشر من الحسد والحقد الدفين و السكرة … وهذه الأخطاء البشرية تمنع توحدهم تحت راية أحدهم حتى نهاية المصير فيتجدد القتال والصراع المستمر فيما بينهم حتى زوال البشرية. والاقتصاد لم يعد العامل الوحيد للسيطرة على الشعوب بل هناك حاجة ملحة الى عقيدة قوية “ناشئة” لا تحمل وزر أخطاء الغير، ولديها شهادة سلوك دولي مقبول، قادرة على تعبئة النفوس والقلوب.

المعركة الفاصلة في العالم ليست بهذه السهولة والقوى المتصارعة في العالم كثيرة ومتنوعة والدول الكبرى تفتقد لكثير من عوامل القوة وأصبحت في عصر السرعة والعولمة مثقلة بثغرات كثيرة والامور لم تعد تحسم بكسبة زر حتى لو كانت كبسة زر لسلاح نووي أو دمار شامل، فالمنافسة كبيرة والقوى أصبحت متشابكة جداً فاليوم الدولة العظمة ليست وحدها مرشحة لتكون المحفز التغيير في الكون وهناك قوى متوسطة وبل صغيرة أصبحت اليوم شريكة في صنع القرار العالمي مثل عصابات الجرائم المنظمة والمنسجمة والتكتلات القومية والاتينية ذات التماسك العالي والجمعيات السرية العالمية والحركات الارهابية مثل داعش.

حتى يكون أي كيان وتيار مرشح للمشاركة في هذه المنافسة المتشعبة عليه ان:

– يكون من القوى الدولية والفاعلية والمعروفة في الساحة العالمية ولديه رؤية حضارية وخطةعمل.

– يكون لديه قوة عسكرية متكاملة ومستقلة ويتكون من قوة سياسية ناشئة، وقادرة على تعبئة النفوس.

– يكون لديه قائد ملهم، يكون بمنتهى الحكمة وفي نفس الوقت بمنتهى الحزم والصلابة ودائم اليقظة.

– لكن العنصر الأهم والأخر أن تكون من الأعلى حتى القاعدة كتلة منسجمة، موحدة في العقل والفكر والمنطق وحتى في العمل في أحلك ظروف الصراع والقتال والمنافسة.

– أن يكون محظوظ جداً جداً وبحسب تاريخه في كل مرة يفلت من العقاب والضربة القاضية.

خلافاً لجميع القوى المذكورة في الأعلى، حدث “كلين بيك” المفكر والمؤرخ الأمريكي، عن أربعة قوى هي الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية، الصين (هذا الجنس الأصفر الدؤوب)، روسيا العصرية والفتية وأضاف “العالم الإسلامي”، هي التي ستتصارع من أجل قيادة العالم في المستقبل. وخلص كلين بيك إلى أنه في النهاية، المسلمون هم من سيقودون العالم، لأنه لديهم شيء غير متوفر لدى بقية الأنظمة وصفه “بالإيمان”، بينما تعتمد الأنظمة الأخرى على المال وتعتبره الغاية الأسمى والمحرك الأساسي لكل قراراتها. وشدد كلين بيك على أن أمريكا لا يمكن أن تستمر في القيادة لأن منهجها وخطتها غير واضحان، بينما النظام الروسي والصيني، يعتبران نظامين ثيوقراطيين ووصف أمريكا بأنها مجرد ورقة لعب يتم استغلالها. (وهذا ما نعرفه عن دور العائلات الغنية فيها ودور قوى الدولة العميقة فيها).

لكن المشكلة أن اليوم يوجد 1000 رؤية اسلامية و1000 فكر تنويري اسلامى و1000 فكر استنهاضي اسلامي، 1000 فكر ثوري اسلامى، فأي أسلام يقصده السيد كين، هل يقصد الاسلام التركي أم الأسلام الداعشي أم اسلام نيوم 2030 أم الاسلام الأخواني أم الاسلام الصوفي أم الإسلام الليبرالي؟ والمشكلة الأكبر بأنّ هناك أزمة توليف بين هذه الأفكار والنظريات الدينية في العمل، بين العصرية والتقليدية والحداثوية والمبدائية، والأخلاقية والعملانية وهناك أزمة كبرى بين الشعوب والقوى بسبب حصول الخلاف بين النظري والعملي وبين الحزب والجماعة وبين الحالة والظاهرة وبين التيار والحزب وبين نقطة التحول ونقطة الانطلاق …فيا ترى اليوم في العالم الإسلامي من لديه أفضل مقومات التعبئة الفكرية والايمانية والدينية بين المسلمين؟

ولا شك بأنّ في ظل العولمة والسير نحو القرية العالمية وفي عصر الهيمنة الالكترونية لا مجال هناك لأي تنوع وتشعب في الكيان المهيمن على الدنيا، فالكيان المسيطر على العالم سيكون لديه أفضل تركيبة من هذه الأمور :

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه كفاءة اقتصادية ذاتية ولو أدنى درجاتها في الزراعة

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه قوة شعبية متماسكة بالفكر والعقيدة قادرة على التعبئة العسكرية

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه نظرية سياسية وحضارية تشبه الديموقراطية أو أفضل منها

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه مقومات تكنولوجية وصناعات عسكرية في البحر والبر والجو

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه منظومة علوم انسانية مثالية متكاملة معمقة

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه صيت جيد في العالم وقدرة على التخطيط في أحلك الظروف

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه نظرية فكرية عالمية قادرة على استقطاب سائر الكيانات المهزومة

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه نظرية إيمانية قادرة على التعبئة في أسوء الظروف والصمود

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه عقيدة ملحمية تراجيدية محفزة للثورة والتضحية معاً.

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه عقيدة أمل وبشرى وخلاص تشجع على التخطيط بالصبر والثبات.

– من يريد السيطرة على العالم، يجب أن يكون لديه دعوة الى العقلانية والفكر والمنطق والأخلاق والمبادئ حتى في خضم المعارك، لأن الأخلاق الحقيقية لا يظهر الا وقت الشدة والقتال والحصار والضعف.

من يريد الحكم في هذه الدنيا أيضا يجب عليه أن يكون لديه حلول لأهم عوامل الانهيار في الأنظمة الديموقراطية والصالحة وهما 1) التدهور الديموقراطي و خلف غير صالح 2)الزيف الديموقراطي والدولة العميقة

فيا ترى من سيصمد في هذه المنافسة الصعبة حتى النهاية ويحكم العالم غداً؟

روابط إضافية

مقالات إضافية

الأقتصاد في زمن الحروب

محمد كوراني، لعل كلنا مقبلون على مرحلة النزاعات الدولية و كثرة الحروب…

كيف عوّض الغرب حرمانه من…

كيف عوّض الغرب حرمانه من الروحانية وسقوطه في الماديّة القاتلة – د.…

كفى قوانين لا تنفذ الا…

من كتاب خصائص الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني كفى قوانين لا…

مقالات إضافية

الأقتصاد في زمن الحروب

محمد كوراني، لعل كلنا مقبلون على مرحلة النزاعات الدولية و كثرة الحروب…

كيف عوّض الغرب حرمانه من…

كيف عوّض الغرب حرمانه من الروحانية وسقوطه في الماديّة القاتلة – د.…

كفى قوانين لا تنفذ الا…

من كتاب خصائص الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني كفى قوانين لا…