مفهوم علم النفس الإسلامي: رؤية تحليلية، علم النفس من العلوم الإنسانية التي اهتمت بدراسة السلوك الإنساني والعقل والشعور، بهدف فهم الإنسان والتنبؤ بسلوكه والتحكم فيه. إلا أن هذا العلم نشأ في بيئة فكرية غربية مادية، مما جعله يفتقر إلى الرؤية الشاملة للإنسان باعتباره مخلوقًا ذا بُعد روحي وفطري، لا مجرد جسد وعقل.
من هنا تبرز الحاجة إلى علم نفس إسلامي ينطلق من الأسس الإيمانية والفطرة التي أودعها الله في الإنسان، ويكون أكثر قدرة على فهم حقيقة النفس البشرية.
1. تعريف علم النفس الإسلامي
يقوم علم النفس الإسلامي على دراسة النفس الإنسانية من منظور الشريعة الإسلامية، ويستند إلى رؤية الخالق الذي خلق النفس وأودع فيها الفطرة والروح.
الفرق الجوهري بينه وبين علم النفس التقليدي هو أن الأخير يعتمد على المناهج المادية، بينما علم النفس الإسلامي ينظر إلى النفس باعتبارها وحدة متكاملة من الجسد والعقل والروح، ويربط سلامتها بالارتباط بالله.
أبرز ملامح هذا المفهوم:
ينشأ علم النفس الإسلامي في بيئة إيمانية مثالية، خالية من الانحرافات الفكرية التي قد تعيق فهم حقيقة الإنسان.
لا يقتصر على اقتباس مفاهيم من علم النفس الغربي وإلباسها لباسًا إسلاميًا، بل يؤسس لنفسه كعلم أصيل يستمد رؤيته من القرآن والسنة.
يهدف إلى تحقيق التزكية الروحية إلى جانب التوازن العقلي والسلوكي، تطبيقًا لقوله تعالى:
“قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها” (الشمس: 9-10).
2. علم النفس التقليدي وتعريفاته
في المقابل، يعرف علم النفس التقليدي (الغربي) بأنه:
“الدراسة العلمية لسلوك الكائنات الحية، وخاصة الإنسان، بهدف التوصل إلى فهم هذا السلوك وتفسيره والتنبؤ به والتحكم فيه.”
ويُعنى هذا العلم بدراسة العقل، والشعور، واللاشعور، معتمدًا على مناهج تجريبية وتحليلية.
غير أن هذا التعريف، رغم شموليته للسلوك الإنساني، يُغفل الجانب الروحي، ويقتصر على تفسير الإنسان من خلال أبعاده المادية والنفسية الظاهرة.
3. الفارق الجوهري بين المنهجين
المنهج الغربي: ينطلق من رؤية علمانية، تعتبر النفس كيانًا ماديًا أو نتاجًا للتطور البيولوجي، وتحاول دراستها كموضوع مستقل عن البعد الإلهي.
المنهج الإسلامي: يرى النفس في ضوء علاقتها بالله، ويعتبر الفطرة عنصرًا أساسيًا في فهم سلوك الإنسان، كما يركز على إصلاح القلوب وتزكية النفوس باعتبارها غاية العلم.
4. أهمية بناء علم نفس إسلامي
شمولية الرؤية: يقدم الإسلام تصورًا متكاملاً للإنسان (جسدًا وروحًا وعقلًا).
الوقاية من الانحراف: حين ينشأ علم النفس في بيئة إسلامية، يظل بعيدًا عن الأخطاء الفلسفية أو الإلحادية التي وقعت فيها بعض المدارس الغربية.
إعادة تعريف الصحة النفسية: فالصحة النفسية، في الإسلام، ليست غياب الاضطرابات النفسية فقط، بل هي حالة من السكينة والرضا التي تنبع من القرب من الله.
خاتمة
إن مفهوم علم النفس الإسلامي لا يهدف إلى رفض ما حققه علم النفس الغربي من إنجازات، بل يسعى إلى تصحيح الرؤية، وإعادة النفس البشرية إلى مكانتها الحقيقية التي أرادها الخالق.
هذا العلم بحاجة إلى تطوير من خلال البحث في القرآن الكريم والسنة النبوية كمصدرين رئيسيين لفهم الفطرة الإنسانية، مع الاستفادة النقدية من المناهج الحديثة.