من كتاب الحضارة المشرقة المستدامة القادمة
تشكلت الحكومة وفرحنا على مصيبة حلت علينا مرتين، فراقها صعب ووصالها أصعب، لا شكوى، فكما نكون يولى علينا، نحن شعب نستحق ما يصيبنا، نحن شعب نستحق واقعنا، ونحن شعب نستحق ما تسببه أعمالنا وما تنتجه أيدينا و،…
هنا لا اريد ان أشكوا لكم الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدنا فهي تشبه كل بلاد المنطقة، فهنا اريد ان أشرح وجهة نظري حول المرحلة الانتقالية التي نعيشه لأصل الى هذه النتيجة بان الحضارة المستقبلية قريبة و معالمها مختلفة عن الحضارة الغربية و هي مبنية على بعض المفاهيم الاساسية من العقلانية والعدل و … اما رجوعا للازمة التي نعيشه في البلد نجد بان عقولنا و ذكاءنا و مواهبنا تصرف في غير مكانه الصحيح.
فنحن شعب أذكياء جدا في الاحتيال على الوطن، نحن شعب متميزون جدا في العمل للأخرين و نحن شعب تركنا اوطننا للنازحين ونريد ان نحتال على اصحاب اوطان أخر ونحن شعب نتميز بالكفاءة والجدارة عند خدمة الأخرين و نحن شعب اذكياء جدا في التكيف مع الأخرين ضد انفسنا و نحن شعب اذكياء جدا في بيع الاوهامنا للاخرين وشراء اوهام الأخرين لانفسنا.
عباقرة في الالتفاف على القوانين، نحن شعب جبارون في التحايل على النظام، لكن في الواقع نحن ظالمون بحق أنفسنا، نحن جميعا شركاء في سرقة الوطن ولاهكذا تورد الإبل ولا هكذا تبنى الاوطان ولا الحضارات.
دائماً نتهم الزعماء بالفساد ونختارهم، دائما نتهم السياسيين بالنهب وننتخبهم، دائما نتهم النواب بالسرقة ودائما نتهم الوزراء بالإحتيال، لكن كل واحد منا هو صورة عن زعيمه وكل زعيم صورة عن أتباعه، فنحن كلنا شركاء في سرقة الوطن…
فكل واحد منا نال حصة غير قانونية وغير منطقية مهما كان تبريره فهو شريك في سرقة الوطن وعلينا تكفير ذنوبنا اولا، لكي يصلح الوطن.
كل واحد منا نال مساعدة من غير طريقه الصحيح مهما كان تبريره فهو شريك في سرقة الوطن وعلينا تكفير ذنوبنا أولا، لكي يصلح الوطن.
كل واحد منا نال وظيفة حكومية طول عمره بغير قانون مجلس الخدمة المدنية مهما كان تبريره فهو شريك في سرقة الوطن الى يوم القيامة وعليه تكفير ذنوبه لكي يصلح الوطن.
كل واحد منا نال خدمات من الدولة من غير مراعاة القوانين المرعية والنظم والنظام العام مهما كان تبريره فهو شريك في سرقة الوطن الى يوم القيامة ولا يحق له ان يرمي سائر المذنبين بحجر،
كل واحد منا نال عقد مناقصة أو فاز بمزاد دون مراعاة القوانين العقلية الحضارية، مهما كان تبريره فهو شريك في سرقة الوطن،
أنتهى زمن تبرير المواقف، أنتهى زمن تسليف المواقف، أنتهى زمن تجيير المسؤوليات، أنتهى زمن التخلي عن المسؤوليات وعلينا ان نعيش ما نحن عليه …
اليوم ليس هناك خدمة من زعيم أو مساعدة من مسؤول أو وظيفة من وزير الا وفي المقابل حق مسلوب من شخص آخر، هذه حقيقة مرة ومدمية، علينا أن نعترف بها وعلينا أن نتقبلها و علينا ان نعالجها، فكيف يمكن محاربة الفساد فعندما يتم التعويض على المتضرر يكون بالحاق الضرر بشخص آخر، وكيف يمكن اصلاح الوضع وكل المؤسسات المعنية فرغت من محتواها، وبقي هناك موظفون يقبضون رواتبهم العالية دون انتاجية ويشكون مظلوميتهم أمام سلسلة الرتب والمراتب الجديدة، فالحل ليس المؤسسات الخاصة البديلة، بل هذه المؤسسات الخاصة البديلة تزيد الطين بلة.
الحل يبدأ عندما ترجع الأمور الى نصابها، والحل يبدأ عندما ترجع الأموال الى مصادرها، الحل يبدأ عندما ترجع الاعمال الى نظامها، والحل يبدأ عندما نعتمد الرزق الحلال، و الحل يبدأ عندما نبتعد عن الوساطة والواسطة، والحل يبدأ عندما نعتمد على النظم والنظام والحل يبدأ عندما نقنع أنفسنا بالكفاف، والحل يبدأ عندما نرجع الى بساطة العيش و ترك البذخ والصرف والحل يبدأ عندما لا نأخذ حقننا بيدنا، والحل يبدأ عندما لا نظلم الصانعة والخادمة ومن دوننا، ليرحمنا من فوقنا، والحل يبدأ عندما المدارس الحكومية تصبح دارا للتربية والتعليم والحل يبدأ عندما يحضر الموظف في دوامه بكل بساطة والحل يبدأ عندما يكتفي الموظف براتبه والحل يبدأ عندما لا نبجل الا الزعيم المخلص، والحل يبدأ عندما لا نلتجئ الى المسؤول المرتشي، والحل يبدأ عندما تعمل مؤسسات الدولة بحسب قانون الدولة، وليس قانون الزعماء و الحل يبدأ عندما تصرف الميزانيات في مجالها المقرر…
1.نحن شعب مقدر له ان يصلح وطنه . الوطن ليس من حجر وشجر، الوطن يتشكل من مواطنيه، والمواطنة هنا كميثاق شرف حضاري، ميثاق يتبنى مصلحة الجمع على مصلحة الفرد، مصلحة الكل على الجزء ومصلحة البشرية على مصلحة الشخص، … وهذا الميثاق مبني على احترام النظم والنظام، فالله الله في نظم أمركم. فلا يمكن تخيل حضارة دون النظم والنظام.
2.نعم نحن شعب كان مقدر لنا ان نكون حلقة وصل بين الشرق والغرب، شمالها وجنوبها، نعم شعب لديه التجربة الكافية للعيش المشترك بين كل الطوائف والشعوب والاتنيات والاقوام والملل والنحل، فنحن شعب نريد أن نكون المحفز الاساسي لحضارة عالمية راقية، يعم السلام في ارجاء المعمورة، نحن شعب نريد أن نكون رسل الحضارة العالمية الحديثة والتي تعتمد على الإنسانية والاخلاق والعلم والتكنولوجيا معا، دون التضارب بينهم. وهذا أمر لا يتحقق الا بفرض “النظم والنظام والنظم” في المجتمع الذي نعيشه بل في كل العالم الذي نريد لحضارتنا أن تصل الى هناك …
3.نحن شعب مقدر له ان نكون راس سهم التغيير في العالم و راس قوة الاصلاح العالمي ونحن شعب مقدر أن نكون راس حربة صناعة المستقبل وصناعة حضارة المستدامة في الالفية الثالثة .
فمن يريد أن يحكم العالم و يقدم حضارة مستدامة يجب عليه أن يكون لديه حلول حقيقية ومنطقية لأهم عوامل الانهيار في الأنظمة الديموقراطية والصالحة : وهما في الثقافة 1) التدهور الديموقراطي و خلف غير الصالح 2)الزيف الديموقراطي والدولة العميقة وفي الاقتصاد 1) الاستعمار والهيمنة الخفية 2) اقتصاد الظل واقتصاد الجريمة المنظمة.
فالأوطان تبنى بالتضحية وليس بالحرية والتحرر وعلينا ان نقدم حلولا لمنع التدهور الديموقراطي و مجيء خلف غير الصالح عند تقادم الؤمان و علينا ان نقدم حلولا حقيقية للديموقراطية المزيفة و تشكيل دولة عميقة مهيمنة تصادر الدموقراطية والعدالة والحريات وحقوق الانسان، ارموا بالشعارات الرنانة مثل الحرية والتحرر التي لا تثمن ولا تغني عن جوع فلابد من امير بر او فاجر يدير شؤونات العامة و هم يمثل شخصياتنا ويمثل قراراتنا وانتخابنا فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.