*العولمة و التشويش على النوايا القلبية* محمد كوراني
*اليوم نشاهد عالماً معقداً جداً من كل النواحي. صراع بين توحش النزوة و مكننة التفكير خلق عالماً أكثر تعقيدا على الإطلاق. الحاجة الى مواجهة التعقيدات خلق جيلاً معقداً من البشر من كل النواحي، خاصة النفسية. هذا الجيل المعقد يتمتع بالذكاء الاجتماعي (Social Intelligence) و مهارة ب”الانسجام الاجتماعي” و لديه المرونة النفسية العالية (Psychological Flexibility) وقدرة على التكيّف مع مختلف الأدوار والتحديات دون فقدان الهوية الذاتية ويقومون بالتقمص الاجتماعي (Social Mimicry) أو التمثيل الاجتماعي الواعي من منطلق البراغماتية العالية أو النفعية الاجتماعية أو “الدهاء الاجتماعي” فهو لديه مراقبة ذاتية عالية وواعية على نفسه من أجل الاقناع الأخرين وفي بعض الحالات السمات النرجسية أو السيكوباتية تساعده على إخفاء الهوية الحقيقية فهذا السلوك قد يعد سلوك دفاعي أو استراتيجي لحماية الذات أو تحقيق النفوذ. أو التلاعب واستغلال الأخرين من منطلق ميول نرجسية/السادية وصولا إلى ضياع الهوية الواقعية و الهوية الذاتية بين هذه التعقيدات.*
*قد نكتشف بأنّ الدين المبين الإسلامي تنبأ هذا الواقع المرّ والذي يتجاهله الجميع في مجتمعاتنا بحكم التعايش مع الواقع و مماشاةً مع التطور والتقدم العالمي. و من منطلق ديني نجد هذا التقييم والتصنيف الإسلامي مرتبط بمفاهيم “الفتن”، “آخر الزمان”، “انقلاب المعايير”، “تبدل الحق والباطل”، “فتنة الدجال”، “زمن البدع”، “زيغ الابصار”، “حبوط الأعمال”، “سراب الاعمال”، بحيث “إذا خرج القائم يقوم بأمر جديد وكتاب جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد وليس شأنه إلا القتل لا يستبقي أحداً ولا تأخذه في الله لومة لائم ) بشارة الإسلام ج1 ص92 .” ولذلك ورد” عن أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: “(سَتُصِيبُكُمْ شُبْهَةٌ فَتَبْقَوْنَ بِلَا عَلَمٍ يُرَى وَ لَا إِمَامٍ هُدًى وَ لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَرِيق …) – كمال الدين و تمام النعمة: 2 / 352″.*
*ما هو هذا المفهوم الديني الذي ينطبق على هذا الواقع الصعب والمعقد والمرير، جيل من البشرية يتماهون مع السيل الجارف من العادات والتقاليد بأسم العولمة وبحجة غلبة الواقع، بحيث يتخلون عن مبادئهم دون أن يشعروا وينقضون معتقداتهم دون أن يحسوا. من المهم جدا نؤكد هنا بأننا لا نتكلم هنا عن التغيير في العقيدة والتخلي عن المبادئ بالظاهر: وهو الكفر والشرك أو التخلي بالخفاء والباطن : وهو النفاق والارتداد، بل هذا المفهوم الديني يشير الى حالات يتخلى الشخص فيها عن مبادئه دون أن يشعر و يتخلى عن معتقداته دون أن يدري ويظن نفسه بأنه يحسن عملاً ويجيد صنعا ويظن نفسه على الصواب. الواقع الذي نعيشه هو أن يكون للشخص مبادئ و معتقدات، لكن دوافعه وأعماله تكون مغايرة لهذه المبادئ دون أن يحس و دون أن يشعر و النتيجة النهائية تكون الابتعاد عن الفطرة الإنسانية و استحالة العمل بمقتضي مبادئه و معتقداته و كما قلنا هو مختلف عن الارتداد والكفر والنفاق، بشكل كامل.*
*هذا الواقع خطير جدا و يعبر عنه الامام السجاد عليه السلام في دعاء مكارم الأخلاق ؛ ” وَوَفِّقْنِي إِذَا اشْتَكَلَتْ عَلَيَّ الأُمُورُ لأَهْدَاهَا، وَإِذَا تَشَابَهَتِ الأَعْمَالُ لأَزْكَاهَا، وَإِذَا تَنَاقَضَتِ الْمِلَلُ لأَرْضَاهَا” ولكن اذا أصيبت المصيبة و وقعت الواقعة يطلب الامام السجاد عليه السلام في نفس الدعاء ” فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ، أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ”. فيصبح الموت الطريق الوحيد للخلاص ولذلك تصبح الشهادة في سبيل الله المفتاح الوحيد بين المؤمن الصالح. فورد “عن رسول الله ص قال ( خير الناس في الفتن رجل يأكل من فئ سيفه في سبيل الله ورجل في رأس شاهقة يأكل من رسل غنمه) -الملاحم والفتن” و أيضا ورد في الروايات عن الجانب العملي والنتيجة العملية لهذه التعقيدات بالحديث التالي: (وتكثر الآيات “البلاءات والزلازل” حتى يتمنى الاحياء الموت مما يرون من الأهوال، فمن هلك استراح، ومن يكون له عند الله خير نجا،…). في المنطق والفلسفة والفكر قد يعبروا عن هذه الحالة “بالجهل المركب” فقال سبحانه وتعالى : «لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ” (الحجر -72).*
*ما هو المفهوم الديني الذي يفسر لنا هذا الواقع المرير: الاشارات الى هذه الواقع المرير كثيرة بحيث ورد في القرأن الكريم : “قال الله تعالى : {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}* *﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾[ الكهف: 104و103] قال-تبارك وتعالى-: ﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [ فاطر: 8] و قال الله تعالى : ” وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍۢ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُۥ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِۦ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلْأخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ” (الحج – 11)*
أنظروا الى تشابه الالفاظ في هذه الأيات الشريفة لا تتكلم عن الكفر والارتداد بل أنهم يظنون أنفسهم على صواب و بأنهم يعبدون الله لأن زيّن لهم الباطل بالحق و خيل لهم الحق كأنه الباطل.
*نعم هناك مفاهيم دينية متشابهة مثل حبوط للأعمال و سقوط اعمال الخير تتعلق بالكفر بعد الايمان أو بالكفر عند النفاق أو عند عدم الاخلاص أو الإخلاص لغير الله، فمن حبط أعماله *وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ* البقرة: آية 217* وكونها : «كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً » «وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ » و «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » . «فإنّ قوما آمنوا بألسنتهم» فهو بيان لحال المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم لحقن دمائهم أو طمعا في الرئاسة أو في المغانم فأدركوا ما أمّلوا. «وأنّا آمنّا بك بألسنتنا وقلوبنا» لا لغرض دنيويّ ، بل آمنّا بقلوبنا وصدّقنا بألسنتنا لتعفو عنّا فأدركنا أملنا من عفوك . «وثبّت رجاءك في صدورنا» بعفوك عنّا وإعطائك ما أمّلنا . «ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا» الزيغ : الميل عن الاستقامة ، إنّ ذلك دعاء بالتثبيت على الهداية وإمدادهم بالألطاف الّتي معها يستمرّون على الإيمان.
لكن هناك حبوط للأعمال لا تتعلق بالكفر والارتداد أنظروا الأية الشريقة *مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا… أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا* – هود: 15-16″
– *سورة الفرقان: آية 23: *وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا*
– *سورة النور: آية 39* : *وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا…* فالقرآن يُحذّر: لا تنخدعوا بحجم العمل، بل بإخلاصه وقبوله عند الله!
و أيضا هناك روايات تتكلم عن عودة عبادة الأصنام والأوثان وعودة عبادة اللات والعزى في آخر الزمان رغم أنهم يدعون الإسلام، فورد عن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): يأتي على الناس زمان بطونهم آلهتهم ونسائهم قبلتهم ، ودنانيرهم دينهم ، علمائهم شر خلق الله على وجه الأرض ، … فتعجب الصحابة فقالوا: يا رسول الله أيعبدون الأصنام ؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): نعم كل درهم عندهم صنم . هذه العبودية تكون حقيقة مستورة بإدعاءات قد تكون خفية على الأشخاص أنفسهم ، ليس لغبائهم بل لأن الواقع معقد جدا.
*تتجلى في الأدعية الشريفة والمأثورة عن أهل البيت عليهم السلام هذا المفهوم بطريقة لطيفة والأدعية تقدم حلولا و علاجات لمعرفة هذه الحالة و منها ما ورد في دعاء ابي حمزة الثمالي : (ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك). فإنه يعبد الله، لكن يعاقب على أساس عبادة غير الله. الكثير من حالات النفسية المستعصية يرددون هذه المقولة بأنهم لايريدون من الله شيء الا أن تزول هذه الحالة النفسية عنهم و يبكون ويتضرعون لماذا لا يشفيهم الله و لايستجيب دعائهم. في الواقع هؤلاء المرضى يظنون أن مطلبهم الوحيد هو ازالة هذه الحالة وفي الواقع يريدون أشياء كثيرة تتعلق بنمط حياتهم السابقة من نزوات و شهوات ومطالب دنيوية والدليل على ذلك هو انكم تجدوهم يلتجئون الى هذه الأمور بمجرد ما يتحسن وضعهم قليلا وتكون الحالة النفسية عندهم بحالة الهدوء والاستقرار. فهم في الواقع لا يطلبون من الله تحسن حالتهم النفسية و ازالة الحالة النفسية بل هم يطلبون من الله أن يكون قادرين على استمرار نمط حياتهم السابقة من نزوات وشهوات و مطالب.*
أيضا تتجلى هذا المفهوم الديني الذي يحاكي واقعنا المرير بشكل جليّ في روايات أخر الزمان كما مر الأن. نختار بعض الروايات من كتاب ميزان الحكمة لمحمد الريشهري، الجلد الثالث، الصفحة ٢٣٢٤ : ما روي في المغيبات بلفظ ” سيأتي ” – رسول الله (صلى الله عليه وآله): (( سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه و لا من الإسلام إلا اسمه يسمون به و هم أبعد الناس منه مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود )) بحار الأنوار ج 52 ص 190
– عنه (صلى الله عليه وآله): سيأتي على أمتي زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند الله ربهم، يكون دينهم رياءً، لا يخالطهم خوف، يعمهم الله منه بعقاب فيدعونه “دعاء الغريق” فلا يستجيب لهم!.
– عنه (صلى الله عليه وآله): سيكون في آخر أمتي أقوام يزخرفون مساجدهم ويخربون قلوبهم، يتقي أحدهم على ثوبه ما لا يتقي على دينه! لا يبالي أحدهم إذا سلمت له دنياه ما كان من أمر دينه.
عنه (صلى الله عليه وآله): سيأتي بعد كم قوم يأكلون أطائب الدنيا وألوانها، وينكحون أجمل النساء وألوانها… عاكفين على الدنيا يغدون ويروحون إليها، اتخذوها آلهة من دون إلههم.
– عنه (صلى الله عليه وآله): سيأتي في آخر الزمان علماء يزهدون في الدنيا ولا يزهدون، ويرغبون في الآخرة ولا يرغبون، وينهون عن الدخول على الولاة ولا ينتهون، ويباعدون الفقراء، ويقربون الأغنياء، أولئك هم الجبارون أعداء الله.
– عنه (صلى الله عليه وآله): سيأتي زمان على أمتي يفرون من العلماء كما يفر الغنم عن الذئب، ابتلاهم الله تعالى بثلاثة أشياء: الأول: يرفع البركة من أموالهم، والثاني: سلط الله عليهم سلطانا جائرا، والثالث: يخرجون من الدنيا بلا إيمان.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يأتي زمان على أمتي أمراؤهم يكونون على الجور، وعلماؤهم على الطمع، وعبادهم على الرياء، وتجارهم على أكل الربا، ونساؤهم على زينة الدنيا، وغلمانهم في التزويج، فعند ذلك كساد أمتي ككساد الأسواق .
– عنه (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان لا يبالي الرجل ما تلف من دينه إذا سلمت له دنياه .
– عنه (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان يكون الناس فيه ذئابا، فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب .
– رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقل ما يكون في آخر الزمان أخ يوثق به، أو درهم من حلال .
– عنه (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان إذا سمعت باسم الرجل خير من أن تلقاه، فإذا لقيته خير من أن تجربه، ولو جربته أظهر لك أحوالا، دينهم دراهمهم، وهمتهم بطونهم، وقبلتهم نساؤهم، يركعون للرغيف ويسجدون للدرهم، حيارى سكارى لا مسلمين ولا نصارى .(هذا الواقع المرير ليس مختصا بالمسلمين أو بالإسلام بل يشمل جميع الديانات السماوية و أتباعهم رغم أن ديانتهم ليست الديانة الأساسية…).
اذا هذه الأزمة ليست محصورة بالمسلمين بل بكل الديانات السماوية التي تؤمن بالله. وومن هذه المنطلق نجد إصرار قوى العولمة على نشر ما يسمى بالديانة الإبراهيمية وهي عبارة عن العلمانية المتخفية بعباءة الديانات، بفرض القوة وارهاب العلمانية.
العبادة ليست محصورة بالسجود لله ، العبادة تحصل من خلال تقديس المعبود، فورد عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: قلت له: “اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله ” قال: “أما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فاتبعوهم فعبدوهم من حيث لا يشعرون” (الكافي، ج1 باب التقليد ص37)
فلذلك الروايات تتكلم عن “عودة الإسلام غريبًا كما بدأ” لتقديس المسلمين والمؤمنين اربابا غير الله، فعن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: ” إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء “. عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ” الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء. (كتاب الغيبة – محمد بن إبراهيم النعماني – ج ١ – الصفحة ٣٣٤)
شواهد و قرائن
*الكافي (ج٢):* عن الامام الصادق “مَنْ أَعْجَبَهُ عَمَلُهُ فَقَدِ اسْتَدْرَجَهُ اللهُ”.
*نهج البلاغة (الحكمة 78):* “الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، لَا يَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْدًا”.
ملاحظة حول جيش السفياني: *خسف البيداء* و ما يحصل لجيش السفياني الدموي والظالم و هي من علامات ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه) فهناك إشارة لطيفة لهذه الواقع المرير بأن مصير مَن يُخسَف بهم يعتمد على *نيّاتهم وحقيقة أعمالهم*، وليس على الظاهر فقط حيث هم عناصر في جيش دموي تكفيري ارهابي. *الرواية الأساسية في “الكافي” للكليني (رحمه الله)* عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ: *”إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ بَعَثَ بِجَيْشٍ إِلَى الْكُوفَةِ، وَعَسْكَرُ بِالْبَيْدَاءِ فَيُخْسَفُ بِهِمْ. فَلَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: **يُحْشَرُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ”*. ( الكافي، ج٨، ص٣١٠ / كتاب الروضة، ح٤٨٣) – *”يُحْشَرُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ”*: أي أن حسابهم يوم القيامة (أو في عالم البرزخ) سيكون بحسب ما أخفته قلوبهم: – فمَن دخل جيش السفياني ظلمًا أو طمعًا في الدنيا، فعذابه شديد. – ومَن أُكره أو كان نيته خالصة لله، فقد يُنقَذ بعفو الله.
في روايات عصر الظهور، توجد نصوصٌ صادقة تُحذِّر من *فتنٍ عظيمة* يُخدَع فيها حتى المُتعبِّدون، حيث يظنُّون أنهم على حقٍّ وهم في حقيقة الأمر يُحارِبون الإمام المهدي (عج). إليك أبرز النماذج:
. *الفتنة العمياء التي تُقلب الموازين* قال الإمام الصادق (ع): *”لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ… *لَا يَعْرِفُونَ الْحَقَّ إِلَّا بِالرَّجُلِ، وَلَا الْبَاطِلَ إِلَّا بِالرَّجُلِ، فَذَلِكَ حِينَ تَأْوِي الضَّيْعَةُ إِلَى أَهْلِهَا!”* (الكافي، ج٨).
في رواية صحيحة: *”يَقْتُلُ فِي مَدِينَةِ الرَّسُولِ (ص) بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ *سَبْعُونَ أَلْفًا، *يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ!”* (الملاحم والفتن لابن طاووس، ص٨٧).
عن الإمام الصادق (ع): “مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَنِيٌّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، *وَلَوْ صَامَ النَّهَارَ وَقَامَ اللَّيْلَ” (الكافي، ج١).
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن العبادة الصحيحة في *”زمن الهَرْج”* لها أجر عظيم، اي في زمن الفتن و في آخر الزمان.
. *الدجالون المدَّعون* هناك تحذير شديد من الرسول ص والأئمة الأطهار الإمام الصادق (ع): بخطورة الدجالين ولعل روايات الدجال هي مجموعتين، المجموعة الاولى تشير الى حركة ثقافية خادعة والمجموعة الثانية تشير الى ذلك الشخصية الساحرة ف *”قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (ع) *خَمْسُ عَلَامَاتٍ… *خُرُوجُ الْيَمَانِيِّ، وَخُرُوجُ *السُّفْيَانِيّ، وَ *الصَّيْحَةُ مِنَ السَّمَاءِ، وَ*الْخَسْفِ، وَخُرُوجُ **الدَّجَّالِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي صُورَةِ شَابٍّ”* (إلزام الناصب، ج٢). فدجالون يظهرون دائما بصفات جذابة ليُضلّون المؤمنين. *إلزام الناصب (ج٢):*
. *الملاحم والفتن:* “يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ!”.
. *نهج البلاغة (الخطبة 149):* “سَتَأْتِي عَلَيْكُمْ فِتَنٌ مُظْلِمَةٌ… يَحْيَرُ فِيهَا الْعُلَمَاءُ”.
قلنا بأن في الأدعية الشريفة والمأثورة عن أهل البيت عليهم السلام تتجلى هذا المفهوم بطريقة لطيفة و الادعية تقدم حلولا و علاجات لمعرفة هذه الحالة و منها ما ورد في دعاء ابي حمزة الثمالي : (ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك). فإنه يعبد الله، لكن يعاقب على أساس عبادة غير الله. الكثير من حالات النفسية المستعصية يرددون هذه المقولة بأنهم لايريدون من الله شيء الا أن تزول هذه الحالة النفسية عنهم فهم في الواقع لا يطلبون من الله تحسن حالتهم النفسية و ازالة الحالة النفسية بل هو يطلبون من الله أن يكون قادرين على استمرار نمط حياتهم السابقة مم نزوات وشهوات و مطالب. من نماذج الأدعية ما نرده هنا :
دعاء كميل: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ… اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ”.
نهج البلاغة (خطبة 192): “يَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا بِأَعْمَالِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجُونَ فِيهَا مَا لَا يَبْلُغُونَ”.
. *تفسير القمي: “إنَّ اللهَ يَقُولُ: مَا لِي أَسْتَعْمَلُ الْعِبَادَ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرِي؟! فَقِيلَ: يَا رَبِّ، وَمَنْ يَعْبُدُ غَيْرَكَ؟! قَالَ: مَنْ عَمِلَ بِطَاعَتِي عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَتِي”.
. *صحيفة السجادية (الدعاء 20): “وَلَا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغَافِلِينَ الْمُغْتَرِّينَ”.
العبادة بلا معرفة (في نهج البلاغة)* في الخطبة ١٠٧ للإمام علي (ع): *”قَوْمٌ عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَقَوْمٌ عَبَدُوهُ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَقَوْمٌ عَبَدُوهُ شُكْرًا فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ”*. و من هذا المنطلق يجب التأكيد على الفكر العرفاني اليوم في عبادة الله من منطلق محب و عاشق لله.
في دعاء الكميل المنسوب للإمام علي (ع): *”اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ… اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ… اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَكُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُهَا”*.
فورد في تحف العقول *”مَنْ عَمِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ”* هنا تحذير من الذين *يظنون أنهم مصلحون* لكنهم يتبعون بدعًا بغير علم، فيفسدون أكثر مما يصلحون.
في خطبة للإمام علي (ع): *”يَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا بِأَعْمَالِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجُونَ فِيهَا مَا لَا يَبْلُغُونَ”* (نهج البلاغة، الخطبة ١٩٢).
يصف الإمام فئةً تلبس لباس العبادة لكن غايتها الدنيا، وهم *يظنون أنهم يحسنون صنعًا*!
كما ورد عن الإمام السجاد (ع) في الدعاء: *”وَلا تُؤْمِنِّي مَكْرَكَ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغَافِلِينَ”* (صحيفة السجادية، الدعاء ٢٠).
في تفسير القمي عن الإمام الباقر (ع): “إنَّ اللهَ يَقُولُ: مَا لِي أَسْتَعْمَلُ الْعِبَادَ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرِي؟! فَقِيلَ: يَا رَبِّ، وَمَنْ يَعْبُدُ غَيْرَكَ؟! قَالَ: مَنْ عَمِلَ بِطَاعَتِي عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَتِي”.
*الغافلون عن عيوبهم (دعاء الإمام السجاد)* في مناجاة المریدین من الصحيفة السجادية: > “اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ نِيَّتِي فِي عَمَلِي خَالِصَةً لِوَجْهِكَ… وَلَا تَجْعَلْ لِشَيْطَانٍ فِيهِ نَصِيبًا، وَلَا تَطْمَعَنِي فِي ثَنَاءِ الْخَلْقِ”. شرحها : الدعاء يَكشِف خطرَ الرياء حتى في النوايا الخفية التي يظنّ صاحبها الإخلاص.
عبادة الجاهل (في نهج البلاغة)* قول الإمام علي (ع): “الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، لَا يَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْدًا” (الحكمة ٧٨).
*دعاء العارفين (مناجاة الإمام زين العابدين)* في مناجاة العارفين: “إِلَهِي… أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي فِي مَعْرِفَتِكَ، وَأَمِتْنِي إِذَا كَانَتِ الْمَمَاتُ أَسْلَمَ لِدِينِي”.
> “أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ” (الكافي، ج٢).
قال الإمام الصادق (ع): “لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنْ شَيْءٌ وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ” (الكافي، ج٢).
المُستدرَج بعمله (الكافي)* عن الإمام الصادق (ع): *”إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُتَابِعُ لَكَ الْخِصَالَ وَأَنْتَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، فَاحْذَرْهُ!”* (الكافي، ج٢).
عن الإمام الصادق (ع): > *”مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ”*.
خداع الدنيا (صحيفة السجادية)* في دعاء الإمام زين العابدين (ع): *”اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلَا تَجْعَلْ مَا يُصِيبُنِي فِي دِينِي أَعْظَمَ الْهَمِّ فِي نَفْسِي مِمَّا يُصِيبُنِي فِي دُنْيَايَ”* (الدعاء ٢٠).
روي عن الإمام الباقر (ع): *”عَابِدٌ بِلَا فِقْهٍ كَحِمَارِ الطَّاحُونَةِ، يَدُورُ وَلَا يَبْرَحُ”* (الكافي، ج١).
قول الإمام علي (ع): *”مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ، فَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ عَنِ اللهِ فَقَدْ عَبَدَ اللهَ، وَإِنْ كَانَ عَنِ الشَّيْطَانِ فَقَدْ عَبَدَ الشَّيْطَانَ”* (الحكمة ١٠٧).
*الغافل عن ذنوبه (دعاء كميل)* في الدعاء الشهير: *”اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَغِيرُ النِّعَمَ… اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ”*.
قال الإمام الصادق (ع): *”أَعْظَمُ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَى غَيْرِهِ”* (الكافي، ج٢). أي: من نطق بالحق ثم خالف فعله قوله.
١. *دعاء “مكارم الأخلاق” للإمام السجاد (ع)* > “وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ الْمُتَّقِينَ… وَخُصَّصْنِي بِأَفْضَلِ مَا خَصَصْتَ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ مِنَ التَّوْفِيقِ وَالرَّشَادِ، وَلَا تَجْعَلْنِي مِنَ **الْغَافِلِينَ الْمُغْتَرِّينَ” (الصحيفة السجادية، الدعاء ٢٠).
من أدعية الإمام علي (ع): “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ… **عَمَلٍ يُرَى صَالِحًا وَهُوَ فَاسِدٌ، وَمِنْ عِلْمٍ يُزَادُ بِهِ الْجَهْلُ” (مصباح المتهجد، ص٧٢).
من أدعية الإمام الحسين (ع): “اللَّهُمَّ… **أَرِنِي نَفْسِي كَمَا هِيَ، وَاجْعَلْ نَظَرِي فِيهَا عِبْرَةً لِي” (مفاتيح الجنان، دعاء عرفة).
ورد في القرآن الكريم *”وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا”* (الفرقان: ٢٣).
في دعاء الإمام زين العابدين (ع) عند الفتن: *”اللَّهُمَّ… **أَرِنِي فِي أَهْلِ الضَّلَالَةِ حَقِيقَةَ ضَلَالِهِمْ، وَلَا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْهَوَى فَيُضِلَّهُ عَنْ سَبِيلِكَ”* (الصحيفة السجادية، الدعاء عند الهمّ والحزن). *الفتن المظلمة التي تُحيِّر العقلاء* في كلام الإمام علي (ع): *”سَتَأْتِي عَلَيْكُمْ فِتَنٌ مُظْلِمَةٌ… **يَحْيَرُ فِيهَا الْعُلَمَاءُ، وَيَتَّبِعُ فِيهَا أَهْلُ الْبَاطِلِ أَهْلَ الْحَقِّ!”* (نهج البلاغة، الخطبة ١٤٩).
> وصية الإمام الصادق (ع) لأصحابه: *”عَلَيْكُمْ بِالتَّقْوَى، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ… فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ **سَلِمْتُمْ مِنْ كَيْدِ السُّفْيَانِيِّ”* (الكافي، ج٢). هذه الروايات ليست للخوف، بل *منارٌ للمؤمن* كي يتعرف على الفتن قبل وقوعها، ويُطهِّر نيته ليكون من أنصار الحقيقة يوم يظهر إمام الزمان (عج).
في الخاتمة
في الخاتمة لا يخلوا من فائدة أن نشير الى موضوع فائق الأهمية في عبادة الله جلّ وعلا وهو ليس بعيد عن موضوعنا، تتعلق بالعقيدة الصحيحة والتوحيد، فنجد البعض عندما يتكلم عن المس الشيطاني او تدخل الجن، يبالغ بقدرات الجن والشيطان بحيث لا يتكلم عن هذا القدرات عند الله و أولياءه وملائكته، رغم ايمانه ب(لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) فهذا من أنواع الشرك الخفي بل الشرك الجلي كما ورد في الروايات التالية تحت عنوان *”تقديس وعبادة الكائنات غير المرئية بدلا من الله”* فورد في القرآن الكريم : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } (سبأ 40 – 41) كما قال تعالى : ( إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا )[النساء : 117 ] .و أيضا قوله تعالى : “وَجَعَلُواْ بَيْنَهُۥ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (الصافات – 158). من أثار تقديس الشيطان و عبادة الجان اليوم هي الادمان على الوسائل التواصل الإجتماعي فاليوم في ظل العولمة علائم الجنون و الإدمان الالكتروني، نوع من انواع المس الشيطاني تجده في الحالة التالية: 1- اذا كنت من متابعي الانستغرام والتيك توك و السوشيال مديا و إقتنعت بكل عقلك و بالمنطق بأمر ديني معين بحسب المقدمات العقلية لها ، لكن ليس بإمكانك تطبيقه على نفسك والعمل به، فأنت ممسوس من الشيطان 2- اذا كنت ممن لا يمكنهم متابعة تسلسل المقدمات الفكرية والعقلية للوصول الى *نتائج اكثر تعقيدا* بمعنى انك مؤمن بالمقدمات لكنك لا يمكنك الاقتناع بالنتيجة الحتمية الأرقى لهذه المقدمات، فانت ممسوس من الجن و مدمن على الالكترونيات. 3- اذا كنت تعاني من *الشرود الذهني* و لا يمكنك متابعة العلل والمعلول و الاسباب والمسببات العقلية و المنطقية في الامور الدينية فانت تعاني من *انفصام الاكتروني.* 4- اذا كنت تعاني من *كم هائل من المعلومات* المتهاجمة على ذهنك، بحيث لايمكنك مقارنتها عقليا مع بعضها و تحديد المقدم و المؤخر و السبب والمسبب، و اصبحت تختار عشوائيا و تستحسن الأقرب زمنيا”، فانت تعاني من مرض الجنون الرقمي. 5- اذا كنت ممن لا يمكنهم الابتعاد عن الالكترونيات و لايمكنك الانشغال بالاساسيات الحياتية و المعيشية بسببها، *فأنت ميت غير واع* بلا قلب و عقل. فحاول أن تخرج من زنزانتك و من حبسك.