الحياة الجميلة

هنا، نشارك رؤيتنا لمستقبل خالٍ من التلوث، حيث يندمج التقدم مع الحفاظ على البيئة لخلق عالم نظيف وصحي. انضموا إلينا في رحلتنا نحو مستقبل مليء بالنقاء والتوازن، حيث تتناغم التكنولوجيا مع الطبيعة لتحقيق حياة جميلة ومستدامة.

المقالات المميزة

استمتع بقراءة مقالاتنا المميزة التي تستكشف الأفكار والمبادرات المبتكرة:

عالم اللذة والمتعة المستدامة من کتاب خصائص الحضارة المستدامة يجب إعادة النظر في الكثير من المعايير المخصصة لتقييم حضارة البشرية اليوم، أنظروا الى ميزانيات الجيوش والتسليح في العالم، ميزانيات تحول الكرة الأرضية إلى برميل كبير من البارود، أنظروا الى إحصائيات الإنتحار والإدمان في الغرب، إحصائيات تجعل شعاراتنا حول الحرية الفردية سخيفة جدا أمام نظرية محورية الإنسان او الإنسان الخليفة، أنظروا الى تناقضات العالم المتحضر، عند الحالات الطارئة وفي الظروف الطارئة، فجيمع القيم الحضارية، تجدها معرضة لخطر الإختفاء الفوري، إنظروا الى تقلب النفوس اليوم، ربما تجده كل يوم بل كل ساعة في مزاج مختلف، الأمور خرجت عن السيطرة، لم يعد هو نفسه يسيطر على طمعه ولا على نزواته ولا على شهواته، ولا على نزعاته ولا على شرهه، ويستفيد من كل التقنيات الموجودة لتقليل سلبيات هذا الطبع المتقلب، فلا يرضى بالموجود، ولا يكتفي بالمملوك ولا يشبع بالمأكول ولا يرضى بالمعقود. هي نظرة خاطئة للتاريخ، أن نعتبر في الحضارات السابقة، البشرية لم تر حكومات عادلة بدرجة راقية، ولا حرية فردية بمدى كبير، ولا تطور علمي بمقدار يدل على العبقرية ويؤمن الراحة والسلام، ولا وفور نعمة وصحة وأمان تضاهي مؤسسات الضمان والصحة والراحة في النفوس ولم تكن السعادة والرضا أكثر من ما نعيشه اليوم في العالم كله. أما ما يتميز اليوم هو التكنولوجيا التي تؤمن الراحة والرفاهية للبعض و أنواع اللذات والشهوات والتسالي و الترفيه في أعلى درجاتها المتاحة للجميع. وهناك فرق بين الطموح والطمع، وهناك فرق بين الرفاهية والسعادة، و هناك فرق النظام والعدالة، فلا يحق لنا أن نعتبر بأننا أكثر سعادة من بعض الحضارات السابقة وأكثر رضى وسعادة منهم. فلكي نتفق من البداية لتقييم الحضارات السابقة واللاحقة، علينا أن نعترف بعدة اصول ومبادئ، منها : “أنه لا يحق لنا التخلي عن العقل والعقلانية في تقييم أي حضارة”، ففي الحضارات الحديثة القائمة على نظرية اللذة الفردية اللامتناهية، فلايمكننا أن نعتبر قمة اللذة والمتعة هو بما يسلب العقل. فكل شيء يعطل العقل لا يمكن أن يكون لذة ومتعة حقيقة، فهذا كله أوهام وأوهام ولا تبنى الحضارات الإنسانية والبشرية المتقدمة على الوهم والخيال. كذلك بالنسبة للحريات الفردية والتي هي مقدسة عند الجميع، لا يمكن أن تكون هذه الحريات معارضة لمنفعة الشخص نفسه ولا مصلحته، لكن بحسبب مبادئه الفكرية هو نفسه. وهناك مبدأ أخر قائم على العقل وعقلانية الحضارة، وهو عند مقاربة فكر مصلحة الإنسان ومنفعته لا يحق لنا، التخلي عن العقل والتفكير بحجة تبسيط الأمور المعقدة، فتبسيط الأمور والمفاهيم المعقدة هي الوجهة الأخر للتخلي عن العقل والعقلانية. فهم الحرية الحقيقية والعدل الصحيح والعلم المفيد والسعادة الواقعية، هي مفاهيم سهلة وبسيطة ولمن يتخلى عن التفكير تصبح مفاهيم معقدة و صعبة جدا، لكن يجب إذا تخلينا عن فهم هذه المفاهيم فهناك خطر كبير بأن تتحول هذه المفاهيم إلى أضدادها. هناك خطر يهدد العقل البشري بسبب عدم استخدامه في مكانه، فالعقل البشري ليس مجرد آلة حاسبة لمحاسبات رياضية، وليس مجرد آرشيف لحفظ المعلومات والحفاظ عليه، وليس حاسوب لمحاسبة غلبة الربح على الخسارة فالحيوان بإمكانه محاسبة الربح والخسارة، فهناك خطر حقيقي يهدد العقل البشري لقلة استخدامه، فعلماء الحياة يقولون أن كل حاسة و كل طرف يقل استخدامه في المخلوقات ، ينحصر دوره ومن ثم يتقلص حتى يختفي، مثل جناح نعامة و كل حاسة و طرف يكثر استخدامه ينمو، مثل شامة الخلد، … فقلة استخدام العقل البشري اليوم يهدد وجوده! فالعقل هو ليس مجرد عضو للمحاسبات الرياضية ، فلو كان كذلك، فيمكن استبداله بآلة حاسبة، وكذلك العقل البشري هو ليس عضو فقط لآرشفة المعلومات، فلو كان كذلك، فيمكن استبداله بال USB (شريحة الذاكرة الالكترونية) والعقل هو ليس عضو ذكي عبقري قادر على الوصول الى أرباح هائلة في تجارة ناجحة ومعقدة، فحتى الحيوانات بإمكانها تتبع طعامها ولذاتها الى ما لا نهاية، فالعقل ليس مجرد عضو لمن لديه هوس بالربح الأكثر والطمع الأكبر، بل العقل أمر أكثر أهمية وأكثر قدسية و أكثر تبجيلا وأكثر إحتراما ، لكن ما هو دور العقل؟ في الواقع مكانة العقل البشري تبدأ عندما تنتهي مكانة عقل الحيوانات الذكية. ولذلك نتطرق الى كتاب الحيوان للجاحظ على سبيل المثال، يتكلم فيه عن عجائب وغرائب عالم الحيوانات من قصص تدل على الذكاء الخارق والتصرفات العجيبة في عالم الحيوانات، من القدرة على الوصول الى أمور مخبئة بطرق معقدة جدا و ذاكرة قوية على حفظ الطرق و الأماكن و الاشخاص و المحاسبات و الاعداد والارقام، و قدرته الفائقة على إشباع رغباته بشكل غريزي، نعم كل هذه الأمور المنقولة عن الذكاء في الحيوانات لا يمكن أن يكون من مختصات العقل البشري الذي نريد أن نبني عليه حضارة متقدمة وما بعد الحداثة. يتميز العقل البشري على العقل الحيواني بإنتقاله من مفاهيم ملموسة الى مفاهيم غير ملموسة وغير محسوسة، فعندما يرى شجرة و شجرتين و ثلاث شجر، بإمكانه أن يميز جميع أنواع الشجر و يعرفها بطريقة تشمل لعل كل أنواع الشجر و تميزها عن باقي الكائنات، بل أكثرمن ذلك يتميز العقل البشري على العقل الحيواني بإنتقاله من مفاهيم مرئية وظاهرية الى مفاهيم غير ظاهرية، هذا طعام و هذه أنثى و هذا نار و خطر وهذه منافع و … هذه مفاهيم ظاهرية ومرئية جميع الحيوانات بامكانها تشخصيه، لكن هناك مفاهيم من نوع آخر مثل أنّ المصلحة الجماعية أفضل من المنفعة الفردية المؤتاة، النظام أمر جيد، الأخلاق أمر راق، المصلحة أمر فائق الأهمية، … فالعقل البشري، هو ذلك الكيان الذي ينقل الإنسان من مرحلة التخلي عن المنفعة للحصول على المصلحة، والتخلي عن الغريزة للوصول الى العقلانية و التخلي عن الشهوة للوصول الى مرحلة الإدراك والوعي، والتخلي عن الحيوانية للوصول الى الإنسانية، والتخلي عن العقل الحيواني لإنعاش العقل البشري. لذلك الحضارة المستقبلية لا يمكنها أن تتعارض مع العقل البشري، فهي قائمة على عنصر العقلانية و كل شيء يعطل العقلانية يتعارض مع هذه القيم. قلت لصديق لي أن هناك عادة صباحية عند بعض الشعوب بأن العائلة كلها صغيرها و كبيرها تجتمع صباحا على فطور بسيط طيب وطبيعي وكوب من الشاي، قبل أن يتوزعوا لأعمالهم الأولاد الى المدرسة والكبار الى وظائفهم في الخارج في المؤسسات أو في الداخل كربات بيوت، في المقابل نحن نسهر الى آخر الليل ونستيقظ في وقت متأخر فنضطر الى شراء منقوشة من الطريق، ليس معروفا من هو عاجنها ولا صانعها و لا خابزها و في اليد الآخر فنجان قهوة أو كوب كبير من النسكافة، نذهب مستعجيلين الى العمل و متاخرين عن الأهل، فقال بالفعل إنهم يتعلقون بحضارة تاريخية عريقة،… هذه الأمور البسيطة لها دلالات فائقة الأهمية. لذلك الحضارة المستقبلية قائمة على عنصر الفكر والتفكير، ولا يمكن أن نتخيل حضارة للألفية الثالثة ليس فيها ساعة تفكير مفروضة على الجميع، الكبيرو الصغير، بمعنى أن يخرج الإنسان عن واقعه المزري أو واقعه المرضي ويخرج الإنسان عن واقعه و حياته و معاشه مهما كانت، ويجلس يوميا ساعة ويفكر بالمفاهيم المجردة، يفكر بمصلحته و يفكر بباطن الأمور وحقيقته، على كل إنسان مهما كان دينه و طائفته وعقيدته و ميوله السياسية والاجتماعية والعلمية، أن يختلي مع نفسه بعيدا عن حياته اليومي و يفكر بحركة الكواكب والنجوم، الطبيعة والبحار، والغيوم والجبال، يفكر بالشمس والقمر، يفكر بالإنفجار الكبير في الكون، يمفكر بتوسع الفضاء اللا متناهي، يفكر بحركة النجوم و يفكر باصطدام النجوم، يفكر بالثقوب السوداء التي تبلع كل جرم سماوي، يكفر بالطبيعة و بتوالي الفصول، بالتغيير والتحول في الطبيعة ، بحركة النمو، الولادة والطفولة والمراهقة والشباب و الشيخوخة والكهولة والموت، يفكر بما بعد الموت و بما قبل الولادة ، يفكر بأن هناك موجودات أدنى منه، فهل هناك موجودات أذكى منه؟ و يمكن بأن هو مهيمن على الحيوانات، فهل هناك موجودات مهيمنة عليه، يفكر و يفكر بتفاؤل و اشراق، يفكر بحركة البشرية وحضاراتها في الكرة الأرضية . لا يمكننا أن نتخيل حضارة قائمة على العقل والعقلانية ، ليس لديها ساعة تفكير بالمعاد وعالم الآخرة، ها هنا تكون اللذات الروحانية، بالتفكير والتدبر بالخلق والكون … «لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السرور والنعيم إذًا لجاهدونا عليه بالسيوف» ، نعم فاللذة على ثلاثة أنواع : 1- اللذة الجسمية والتي تترافق دائماً مع الألم الجسمي، مثل لذة الأكل والشرب والأمراض الناتجة عنها وعن الإفراط فيها. 2- اللذة الوهمية والتي تترافق دائما مع الآلام والمصائب، مثل حب الشهرة و حب السلطة ومصائبها عليه وعلى البشرية. 3- اللذة العقلية لا تنقطع ابدا و تستمر حتى النهاية ، مثل العلم والفضيلة والجمال والأخلاق ونحوها. اللذات السطحية و ترجيح الغريزة والشهوة على العقل والوعي، وتفضيل المنفعة على المصلحة تورث (هماً لا ينقطع عنه أبداً، وشغلاً لا ينفرج منه أبداً، وفقراً لا يبلغ غناه أبداً، وأملاً لا يبلغ منتهاه أبداً ) وهذا واضح لأنه يعلق بأمر زائل فانٍ، فلذا يبقى صاحبه في حسرة، وألم وشقاء دائم. فذكر أن الشيخ نصير الدين الطوسي رحمه الله كان شديد العلاقة بطلب العلم والتوغل في الحقائق العلمية، العقلية والدينية. فكان يفرش حوله الكتب المتنوعة، فيطالعها على حساب ساعات نومه. ولما كان يمل من كتاب يتناول كتابا آخر في موضوع آخر، وكان يجعل بجانبه إناء فيه ماء يرش به على وجهه بين حين وآخر لكي يتغلب على نعاسه عند منتصف الليل. وكم حدث له أن اكتشف معلومة دقيقة في أثناء بحثه ومطالعاته فقام من مكانه منسبطا ينادي فرحا: ” أين الملوك وأبناء الملوك من هذه اللذة ؟! نعم هذه هي المتعدة المستدامة التي تقوم عليها الحضارات المتقدمة. هذه اللذة ؟! نعم هذه هي المتعدة المستدامة التي تقوم عليها الحضارات المتقدمة.

قنواتنا

الوصول إلينا