*آمريكا والأبحاث “القاتلة*، محمد كوراني
توجّه للولايات المتحدة انتقادات متنوعة بشأن جامعاتها ومختبراتها العلمية ومصانعها، رغم تميّزها في هذه المجالات عالميًا. أبرز هذه الانتقادات:
*أولا: انتقادات متعلقة بالمختبرات العلمية والبحث:*
1. *انعدام الشفافية والرقابة:* خاصة في الأبحاث ذات الصلة بالأمن القومي أو المصالح التجارية الكبرى، مما يحدّ من التقييم العلمي المستقل والمساءلة العامة.
2. **أخلاقيات البحث العلمي:** مخاوف تاريخية ومستمرة حول تجارب على البشر (خاصة الفئات الضعيفة) دون موافقة مستنيرة كافية، والتجارب البيولوجية أو الكيميائية ذات الطابع العسكري.
3. **تسرب التكنولوجيا والاستخبارات الصناعية:** اتهامات متكررة من دول (خاصة الصين) بسرقة الملكية الفكرية أو نقل التكنولوجيا الحساسة قسرًا أو خلسةً، رغم وجود قوانين صارمة.
4. **التركيز على الأبحاث “القاتلة”:** نسبة كبيرة من التمويل الحكومي للبحث والتطوير تُوجّه نحو التكنولوجيا العسكرية والأسلحة المتطورة.
5. **السياسات البيئية والسلامة:** حوادث تاريخية في مختبرات وطنية (مثل لوس ألاموس) تثير مخاوف حول إدارة المواد الخطرة والنفايات المشعة.
**ثانيا: انتقادات متعلقة بالمصانع والصناعة:**
1. **نقل التلوث والصناعات القذرة:** تاريخ من نقل الصناعات الملوثة والخطرة إلى الدول النامية أو المناطق الفقيرة داخل الولايات المتحدة نفسها (ظاهرة “العنصرية البيئية”).
2. **ضعف معايير السلامة المهنية:** حوادث عمل متكررة في بعض القطاعات (مثل الزراعة، البناء، التصنيع) تشير إلى ثغرات في تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية (OSHA).
3. **الاستعانة بمصادر خارجية وفقدان الوظائف:** نقل ملايين الوظائف الصناعية إلى الخارج (خاصة الصين والمكسيك) بحثًا عن عمالة أرخص وأقل تنظيمًا، مما أضر بالمجتمعات الصناعية الأمريكية.
4. **ممارسات العمل وسلاسل التوريد:** انتقادات لاستغلال العمالة المهاجرة أو الضعيفة في بعض القطاعات الزراعية والخدمية، ووجود انتهاكات في مصانع الموردين بالخارج.
5. **التأثير البيئي:** تاريخ من التلوث الصناعي الكبير (الهواء، الماء، التربة)، والضغط السياسي لتراخيص بيئية أضعف، والتقاعس النسبي في التحول السريع نحو الصناعة الخضراء مقارنة ببعض الدول المتقدمة الأخرى.
6. **احتكارات وقوة السوق:** هيمنة شركات قليلة في قطاعات صناعية حيوية، مما يحدّ المنافسة ويرفع الأسعار ويخنق الابتكار.
**ثالثاً: انتقادات متعلقة بالجامعات:**
1. **التكلفة الباهظة وأزمة الديون:** الرسوم الدراسية المرتفعة جدًا تخلق عبئًا ثقيلاً من الديون على الطلاب (تجاوز إجمالي ديون القروض الطلابية 1.7 تريليون دولار)، مما يحدّ من إمكانية الالتحاق بالجامعة ويُفاقم التفاوت الاجتماعي.
2. **عدم المساواة في الوصول والنتائج:** تفاوت كبير في جودة التعليم بين الجامعات النخبوية والمؤسسات العامة أو المجتمعية، وانخفاض نسب التخرج بين الطلاب من الأقليات والخلفيات الفقيرة.
3. **التجارة الأكاديمية والتعليم كسلعة:** التركيز المفرط على الجانب “التجاري” للتعليم العالي، والاعتماد الكبير على الرسوم الدراسية وتمويل الشركات، مما قد يُضعف الاستقلالية الأكاديمية.
4. **التمويل العسكري والأجندات البحثية:** اعتماد أقسام العلوم والهندسة بشكل كبير على التمويل العسكري (مثل وزارة الدفاع – البنتاغون)، مما يُثير تساؤلات حول تحكم الأجندات العسكرية في اتجاه البحث العلمي الأساسي.
5. **التحديات المتعلقة بالحرم الجامعي:** قضايا التحرش الجنسي، التمييز العنصري، الحرية الأكاديمية المهددة أحيانًا (من طرفي الطيف السياسي)، وظروف عمل غير مستقرة لبعض أعضاء هيئة التدريس (خاصة المحاضرين المتعاقدين).
6. **التوظيف والاستعداد لسوق العمل:** عدم مواكبة بعض البرامج الدراسية بسرعة للتغيرات في سوق العمل، ووجود فجوة بين المهارات المُكتسبة واحتياجات أرباب العمل.
هذه الانتقادات لا تنفي الإنجازات الهائلة للجامعات والمختبرات والمصانع الأمريكية، والتي تظل رائدة عالميًا في الابتكار والجودة. ومع ذلك، فهي تسلط الضوء على تحديات هيكلية تتعلق بالعدالة الاجتماعية، المساواة، الشفافية، الأخلاقيات، الأمن القومي، والاستدامة البيئية. تختلف حدة هذه الانتقادات وانتشارها حسب الجهة الناقدة والسياق السياسي والاقتصادي.