هل نحن بخير؟ هل عالمنا بخير؟ لحظة تفكر

من كتاب الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني

هل نحن بخير؟ هل عالمنا بخير؟ لحظة تفكًر
“إذا اقترن العزم بالحزم كملت السعادة”، من أجل سعادتكم أعيدوا برمجة حياتكم كلها من جديد. أتركوا جميع إهتماماتكم اليومية والمعيشية والسياسية والاجتماعية جانباً وخططوا لكل شي من جديد، أتركوا جميع مطالبكم المعيشية والضرورية والحياتية جانباً وفكّروا بطرق جديدة، في أي عالم نعيش؟ أتركوا هذا التخبط وهذا الضياع وهذا التشويش جانباً وفكّروا بموضوعية؟ لماذا نبحث عن أشياء في غير مكانها؟ لماذا نرجوا أموراً في غير زمانها؟ لماذا هكذا منهمكون في أمور تعتبرونها في قمة الضروة و نهاية كل غاية وهدف؟ ولماذا منهمكون في طرق لا تنتهي إلى الهدف المنشود؟ لماذا هكذا أنتم منهمكون في أمور من المستحيل أن نحصل عليها وإذا حصلنا عليها سوف نفقد ما هو أعزّ منها علينا؟ هل يمكنكم السير بخلاف التيار العام؟ هل يمكن السباحة بعكس جريان الماء؟ هل يمكنكم ذلك؟
رجاءا ولو لوهلة تمعّنوا.
رجاءا ولو للحظة توقفوا .
رجاءا ولو لوهلة أوقفوا هذه الدوامة.
رجاءا ولو لوهلة ولو لفترة أعيدوا النظر بكل شيء.
رجاءا ولو للحظة استمتعوا بالتفكير بما هو أفضل لكم ولنا؟
انتبهوا فالتفكير يختلف عن التمعّن والتذكّر، يختلف التفكير عن التخيل والحلم، يختلف التفكير عن انشغال البال والشرود، التفكير ليس ايجاد أفضل طرق للربح فهذا موجود في بعض الحيوانات الذكية، التفكير الذي يختص الإنسان به فقط، هو أن تبحث عن المصلحة ما وراء الأمور الظاهرية، والبحث عن المصلحة وراء الغريزة والمنفعة، التفكير هو أن تبحث عن رأس الخيط وتترك جميع الأمور حتى تصل إلى نهاية الخيط، ثم الى الخيط الأخر ومن الخيط الى النسيج ومن النسيج الى اللباس الكامل الذي يغطي كل الحقيقة. فالتفكر بعقلانية عن أي حياة نبحث؟ أي حضارة نريد؟ أي مستقبل نرجو؟
هل تعرفون أن مؤشر “جودة الحياة” في لبنان الفنيقية والصومال الافريقية متساويان ومتشابهان؟ هل تعرفون من هي أعلى عشر دول في استهلاك أدوية الأعصاب؟ هل تعرفون أن هناك مفاهيم جديدة متداولة في لبنان هي من العصور الماضية مثل مياه الشرب الصحية والطعام الطبيعي الصحي؟ عندنا الكثير من الأمور تفرض علينا إعادة التفكير بكل شيء؟ التفكير بعقلانية وبمنهجية. في الواقع اليوم وفي واقعنا وفي عالمنا، قلً ما نستفيد من العقل للتفكير! قد نستخدمه لإيجاد الترابط بين الكثير من الأمور المستعصية وقد نستخدمه لكشف الكثير من المعادلات المكررة في العلوم المعقدة وقد نستفيد منه في تحليل الكثير من الأمور المتشابكة للوصول الى نزواتنا وشهواتنا ولكن لا نستخدمه للتفكير، في الواقع العقل هو ما يخرج عن عالم التراب؟ العقل هو ما يتجاوز عالم اللذات! العقل هو ما يخترق عالم العواطف؟ فهذه الأمور كلها موجودة في غير البشر، العقل هو ما يوصلنا الى عالم المعنى، العقل هو ما يوصلنا الى السعادة الحقيقة ؟ العقل هو ما يعرف به الرحمة المطلقة وما يوصلنا الى السعادة الأبدية.
أكتشفت إننا دائما نبحث عن علاج لمرض في ابتلاء بمرض آخر. إكتشفت أننا دائما نغطي مساوئ خياراتنا الخاطئة بخيارات أخرى أكثر سوءاً. أكتشفت إننا دائما نبحث عن التعويض لبلاء بالوقوع في بلاء آخر. إكتشفت إننا دائما نتبع في حياتنا سياسة الهروب إلى الأمام، بدلا من إعادة النظر في كل شيء والتفكير الصحيح وبمنهجية؟
عندما كنّا أطفال كنا نقول أن جميع مشاكلنا تحل عند الدخول الى المدرسة وعندما دخلنا الى عالم المدرسة قلنا إن جميع مشاكلنا تحل في الثانوية؟ وعندما كنا في الثانوية قلنا إن كل مشاكلنا تحل في العمل وعندما دخلت الى معترك العمل قلنا كل مشاكلنا تحل بالزواج وعندما تزوجنا قلنا كل مشاكلنا تحل بعد الدخول الى المجتمع من أبوابه الواسعة وعند الدخول من الأبواب الواسعة ضيق علينا المجتمع الواسع برحبه. وهلم جرا… دائما نبحث عن الحلول في الوقوع بمشاكل أكبر؟
عندما نمرض نبحث عن الدواء المناسب؟ ولحل مضاعفات الدواء ، نبحث عن دواء آخر، هل تعرفون علبة الدواء الموجودة إلى جانب المسنين، هو نتيجة مضاعفات الحياة ؟ ونتيجة تراكم الأخطاء على الأخطاء.
أعيدوا النظر في كل شيء
فكّروا من جديد. أنا لا أريد أن أفرض عليكم أي رأي و نظر، بمجرد ما أنّ فكرتم بهذه الأمور بحرية وبعيدة عن الغرائز سوف تصلون إلى النتيجة المرجوة.
فكّروا من جديد بما هو يسلّيكم وما يفرحكم؟ لا تكتفوا بالموجود، بل تذكروا جميع الأمور المفرحة في حياتكم؟ خاصة ما يدوم منه !
فكّروا بأنواع الفرح والسرور والسعادة، واللذة والرضى والراحة والطمأنينة! التعلم، الرياضة ، الأصدقاء الأدب والشعر،… فكّروا في مزايا ومضارّ كل واحدة من هذه الأمور المفرحة بدقة!
فكّروا أبعد من غريزتكم فكّروا بأبعد من عواطفكم، ليكون التفكير تفكيراً، أنا لا أريد أن أفرض عليكم شيئا! أنتم فكّروا بحرية وباستقلالية كما تشاؤون بهذه الأمور.
فكّروا بأن السعادة مهمة وعدم زوالها أهمّ! فكّروا بأن السعادة نوعان قصير المدى وطويلة المدى ولعل هناك سعادة أبدية! فكّروا بامور مصيرية استراتيجية.
فكّروا بأن الصحة والأمان نعمتان مجهولتان. فكّروا بأن جودة الحياة أمرٌ يتجاوزالمأكل والمشرب والملبس والمسكن بل ويشمل جميع أنواع التسلية والترفيه المفيد والرياضة المقوية وفي لبنان الطعام الصحي والمياه النقية والتعليم المفيد والإبتعاد عن الضغوطات النفسية!
إبحثوا عن مؤشرات السعادة العالمية واوزنوها بحسب معتقداتكم الدينية والاخلاقية ! فكّروا بأن اللذة والمتعة حسب علماء النفس، حالات ذهنية مشتركة بين البشر والحيوانات، تعطيه شعورا إيجابيا وبهجة قد تستحق العناء وقد لاتستحق العناء بل قد تستحق العناء لمقدارمتوازن منها!
فكّروا بأنّ اللذة والمتعة في الحياة تفقد قيمتها وجوهرها وتصبح نقيضها عندما يعطل العقل! ويصل الإنسان الى نشوة اللذة كما يحصل اليوم في بعض الألعاب الالكترونية (Game) قبل أن نتكلم عن نشوة المخدرات والكحول والجنس.
فكّروا بمراكز اللذة في الجسد وفي الروح، في الدماغ أو في القلب، الأول ينتهي بالإدمان ولذة الروح التي لا نهاية لها، نعم إنها لذة روحانية.
فكّروا بأن علماء النفس لديهم الكثير ليقولوا لنا بشأن مصادر السعادة النفسية، الفردية والإجتماعية، فجودة الحياة ليست مسألة سهلة، نحصل عليها بتقليدنا للحضارة الغربية !!!
فكّروا بأن علماء الأخلاق في كل الديانات السماوية لديهم الكثير ليقولوا لنا بشأن الفرح والبهجة والطمأنينة والصفاء المستدام!
فكّروا بأن أحد مصادر السعادة هم الأصدقاء الجيدون والأصدقاء الجيدون لا تجدونهم في أماكن سيئة وبيئة سيئة ومجتمع منحرف وعالم كافر!
فكّروا بأن هناك إحتمال بأن الإعلام العالمي لا يريد مصلحة البشرية بل فقط يسعى الى ترويج نمط حياة استهلاكي معين وقيّم عالمية متوحشة مثل الحلم الأمريكي، الذي يصرف عليها أموال خيالية، وأنماط حياة كنمط بوليوود، قارنوا بين حياة الهنود في الهند والأفلام الباليوودية لتعرفوا الحقيقة؟ ولتكتشفوا الواقع.
فكّروا بأن أهم مصادر السعادة الإجتماعية بحسب جميع المفكرين، هي العائلة المحبة والمجتمع السليم ذو القيم الأخلاقية والمعتقدات المتوازنة. فعن أي حلم يحكون وأي حضارة نرجو؟
فكّروا بمفاهيم سامية مثل (تعب البدن ولا تعب القلب) وأن (جرح السيف يبرأ وجرح القلب لا يبرأ) وأن (الروح تبغي الأرواح) وأن (تفاءلوا بالخير تجدوه) و(أسعد الناس من ترك لذة فانية للذة باقية) وحقيقة أن (راحت السكرة وبقيت الندامة) وأن (القناعة كنز لا يفنى) وأن (إخشوشنوا فإن النعم لا تدوم) والكثير من الأمثال الشعبية التي تحاكي الروح والقلب والعقل.
فكّروا بأنّ هناك فرح ليس قصير المدى ولا آني وليس محدود الأمد، وليس فردي وضيق وليس محدود ومحصور وليس دنيوي فقط، بل هناك فرح يظهر كالشمس يفرح به أهل السماء والأرض، وأهل الدنيا وأهل الآخرة!!!
لا ترضوا بالفرح القليل والمحدود ولا ترضوا باللذة المخلوطة بالأمل ولا ترضوا بالراحة المقرونة بالموت ولا ترضوا بالسرور المحفوف بالمخاطر ولا ترضوا بالمتعة المعجونة بالعقاب ولا ترضوا بالسعادة غير الأبدية! فكّروا قليلا هل نحن بخير وهل عالمنا بخير؟
كثير من مشاكلة اليوم هي بسبب عدم وجود العائلة والاسرة السليمية كعامل دعم و تربية و ضمانة اجتماعية و هذا ما كان ينادي به ادياننا السماوية خاصة ديننا العظيم. لكن قبلها يجب تشغيل عقولنا و الاستفادة منها و الثقة بها.

روابط إضافية

مقالات إضافية

كيف عوّض الغرب حرمانه من…

كيف عوّض الغرب حرمانه من الروحانية وسقوطه في الماديّة القاتلة – د.…

كفى قوانين لا تنفذ الا…

من كتاب خصائص الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني كفى قوانين لا…

القانون والشريعة والدين في الحضارة…

من كتاب الحضارة المشرقة المستدامة القادمة – محمد كوراني القانون والشريعة والدين…

مقالات إضافية

كيف عوّض الغرب حرمانه من…

كيف عوّض الغرب حرمانه من الروحانية وسقوطه في الماديّة القاتلة – د.…

كفى قوانين لا تنفذ الا…

من كتاب خصائص الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني كفى قوانين لا…

القانون والشريعة والدين في الحضارة…

من كتاب الحضارة المشرقة المستدامة القادمة – محمد كوراني القانون والشريعة والدين…