مقدمة حول العلوم التربوية الاسلامية، محمد كوراني

في البداية نرد مقدمة حول علم التربية المعروف في الجامعات وهي ذو نشأة غربية عن مقال ” تعرف على أسس التربية وأساليب البيداغوجيا الفعالة” للكاتبة “ليال العلي” . الغرب بحجة عدم نقل مفاهيم دينية الى الأطفال من قبل الأهل باعتبارها تخلف و بحكم ان لا يريد من الأهل ان يكون لهم دور اساسي في تربية الاطفال ويريد ان تقع مسؤولية التربية الى المدارس الموجهة من قبل الدولة والحكومة، فنراه يضع التربية في البيت في اطار محدد جدا من خلال اعطاء حرية كبيرة للطفل وهامش تحرك كبير له للتضييق على دور الاهل والاسرة و من ثم يتم توجيه المدرسة والمعلمين في تربية الاطفال من خلال منهج تعليمي مخطط له مسبقا و بنوايا علمانية وموجه و كذلك من خلال حذف المعايير الاخلاقية والقيميّة من معايير انتقاء الاساتذة والمعلمين والاكفتاء بالمعايير التقنية والتعليمية والفنية والاجتماعية، فأنظروا الى موقفهم من دور المعلم و سلطته واتجاهاته في العالم الحاضر و انظروا الى موقفهم من المخدرات والكحول والادمان والاختلال العقلي الناتج عنهما وانظروا الى موقفهم من تحكم الطفل بجسده وعقله ومستقبله رغم عدم اكتمال تربيته، ومن ثم في ما بعد نتطرق للعلوم التربوية من منظور اسلامي:

منذ اللحظة التي يولد فيها الإنسان ويأتي إلى الحياة، تبدأ مهمة الأهل في تنشئته وتنميته والاهتمام به جسمانيًا ونفسيًا وعلى عاتقهم تقع مسؤولية تربيته تربية حسنة تجعل منه إنسانًا خلوقًا، مهذبًا وفعالًا في محيطه ومجتمعه. ثم يأتي دور المدرسة في تعليمه وتنوير حياته بالعلم والمعارف التي يكتسبها خلال فترة دراسته وتعلمه، ولا يقتصر دور المدرسة على التعليم فقط، وإنما لها دور فعال في التربية والإرشاد الأمر الذي يصقل شخصية الإنسان ويطورها. ومن هنا يتبادر إلينا معرفة ماهية التربية وأسسها وما يتفرع منها في المجالات الشخصية لكل فرد منا.

مفهوم التربية :هي عبارة عن سلسلة من عمليات التطور والتحكم بسلوك الأفراد عن طريق غرس مجموعة من القيم والمبادئ والأفعال الإيجابية التي يقوم بها الكبار تجاه الصغار للوصول إلى أعلى مستوى وفاعلية، بأقل جهد ووقت وبهدف تسهيل اندماجهم في المجتمع والتكيف مع محيطهم.

أسس التربية : لكل علم أسس ومفاهيم يقوم عليها وعلم التربية من العلوم التي تعتمد في وجودها على مجموعة من المعايير والأسس التي تعود إلى فلسفة التربية وإلى عدد من الأمور العلمية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، وفيما يلي سنستعرض الأسس الذي يقوم عليها علم التربية وهي:

الأساس النفسي الاجتماعي في التربية: وهو يتضمن الحالة الاجتماعية التي يعيشها الإنسان مع الأشخاص المحيطين به والمؤثرين في حياته والمؤثر في حياتهم، من خلال اختلاف القيم والميول والاتجاهات المادية والنفسية بين الأشخاص والتأثير المتبادل في شخصيات بعضهم البعض والذي يساهم في تكوين وتلوين سلوك الإنسان اليومي، وبالتالي تكوين الشخصية وتطويرها .ولذلك تعد التربية مكونًا وأساسًا من مكونات البيئة الاجتماعية والنفسية للأفراد.

الأساس البيئي للتربية:  إن تفاعل الإنسان مع البيئة الطبيعية والاجتماعية يبين مدى ودور هذه البيئة في التأثير بسلوك الشخص وما تكسبه من خصائص تربوية مختلفة من بيئة لأخرى.

الأساس الشمولي المتكامل في التربية:  إن المقصود من الأساس الشمولي للتربية لدى الإنسان هو اكتمال التربية الجسدية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والاقتصادية التي تلزمه في حياته الحالية والمستقبلية، وتركز المنظمات العالمية كاليونسكو واليونسيف، والبنك الدولي ومنظمة تعليم الكبار على التربية الشاملة أو العالمية، وجعل التربية للجميع للوصول إلى مستوى حياتي أفضل للإنسان في الحاضر والمستقبل.

علم البيداغوجيا

إن التربية بأسسها ومبادئها تتخطى الأسرة التي هي الحلقة الأولى في حياة الفرد، إلى الحلقة الثانية وهي المدرسة والتي تعتبر فيها التربية ملازمة وملاحقة لعملية التعليم والتدريس فيقع على عاتق المعلم مسؤولية كبيرة في تعليم وتربية الأجيال، وهذا علم قائم بحد ذاته ويسمى البيداغوجيا.

ما المقصود بالبيداغوجيا؟ تعني علم وفن أصول التدريس وعند تجزئة الكلمة سنجد المعنى الحقيقي لها فهي كلمة يونانية الأصل وتتكون من كلمة p’eda وتعني الطفل، وكلمة agog’e وتعني القائد أو القيادة والتوجيه.

وفي العصر اليوناني كان الشخص الذي يشرف ويرافق الأطفال من منزلهم إلى المدرسة يسمى P’edagogue، أي الراعي والمشرف على عملية تدريس وتعليم الأطفال والموجه لهم.

ولذلك اعتمد اسم بيداغوجيا في مجال التعليم كمصطلح يدل على التوجيه والإشراف من منظور غربي تجاه المتعلم أو الدارس.

أما المفهوم العام للبيداغوجيا فهي تعني: العلم المختص بأصول وطرق التدريس والأهداف والأساليب الممكن اتباعها من أجل تحقيق أسمى أشكال التعليم، وهي تعتمد بشكل رئيسي على علم النفس التربوي. وأكاديميا فالبيداغوجيا تعني: طريقة التدريس المتبعة وممارستها من قبل المعلمين أصحاب الاختصاص.

أنواع البيداغوجيا:

للبيداغوجيا أنواع عديدة ومختلفة باختلاف النظريات الفلسفية التابعة لها وهي:

  • •بيداغوجيا الأهداف
  • •بيداغوجيا الكفايات
  • •بيداغوجيا التعاقد
  • •بيداغوجيا الخطأ
  • •بيداغوجيا حل المشكلات
  • •بيداغوجيا المشروع
  • •بيداغوجيا اللعب والتسلية والترفيه
  • •البيداغوجيا الفارقية

أساليب البيداغوجيا الفعالة

•السلطة للمعلم: هذا الأسلوب يقوم على اعتبار أن المعلم هو صاحب السلطة والسيطرة على عملية التدريس لكونه الأساس الذي يأخذ منه الطلاب معلوماتهم ومعارفهم، وبالتالي يجب على الطلاب الإنصات الجيد له وكتابة كافة ملاحظاته التي يطلبها منهم.

•المعلم هو المدرب: هذا الأسلوب مشابه لأسلوب (المعلم المسيطر) حيث يتمتع المعلم هنا أيضا بأنه مصدر المعلومات للطلاب، ولكن الاختلاف في هذا الأسلوب أن المعلم هنا يعتمد عل وسائل التكنولوجيا المختلفة لإيصال المعلومات من خلالها للطلب.

•المعلم بدور المعاون (الذي يسهل طريقة الحصول على المعلومات): يتركز هذا الأسلوب بقيام المعلم بمساعدة طلابه وإرشادهم إلى أفضل وأبسط الطرق لحفظ واستيعاب المعلومات، فيقوم بتحفيزهم من خلال أسلوب التعلم الذاتي وبالتالي ينمي أفكارهم ويدفعهم إلى حفظ وفهم المعلومات التي تخدمهم في المستقبل في تكوين شخصياتهم وتحقيق أحلامهم.

•التعليم المهجن: في هذا الأسلوب يتم اتباع نمط تدريس متكامل يقوم على الدمج بين شخصية المدرس واهتمامه بالطلبة من جهة وما يناسب الطلاب من أسلوب تعليم ينسجم مع شخصياتهم وطبيعتهم من جهة أخرى.

•التدريس في مجموعات: يعتبر التدريس في مجموعات من الأساليب التطبيقية الناجحة التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج رائعة وملموسة مع الطلبة، وخاصة في المواد العلمية (كالكيمياء وعلم الأحياء) والتي تحتاج إلى مشاركة الجميع في المناقشة وتبادل الآراء بين المدرس والطلاب وبين الطلاب أنفسهم أيضًا.

عناصر البيداغوجيا : هناك عدة عناصر يقوم عليها علم البيداغوجيا نذكرها تباعًا:

•معرفة طرق التدريس المختلفة مع ضبط الوقت والحالة الملائمة لتطبيق أي منها.

•الإلمام بالطريقة الصحيحة لتقييم مستوى الصف ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.

•معرفة وتجديد أهداف عملية التعليم بصورة دائمة ومتطورة.

•التعامل مع مختلف الصفوف الدراسية من خلال الفصل الدراسي الواحد.

أهمية البيداغوجيا :

•تمكن الطلاب من معرفة ما لديهم من قدرات ومهارات علمية وشخصية.

•تساعد الطلاب على تنمية مهاراتهم وقدراتهم ليحصلوا على أفضل نتيجة.

•تشجيع الطلاب على التعلم وتجعلهم أكثر توجهًا وإقبالًا على العلم والمعرفة.

•تعطي الطلاب دليلًا واضحًا على كيفية الاندماج مع بقية أفراد المجتمع.

بداعٍ أيديولوجي، وقد أتفق مع بورديو (في إعادة إنتاج المدرسة للوضع القائم)، خصوصًا عندما تجد ذوي الإمكانيات يرتقون في سلم المدارس المحلية والدولية لنيل أعلى المناصب، وتظل المناصب المتدنية لأبناء الفقراء، إلا من شذ منهم.

إن العملية التعليمية التعلمية معقدة، تتفاعل فيها عومل متشعبة، وتنصهر فيها متغيرات شديدة التباين، وتعد المتغيرات التي استطاع الباحثون حصرها بالمئات، كما يتفقون على أن الأبحاث لم تتمكن إلى الآن من التعرف على كل مكونات الظاهرة ومختلف جوانبها.

من ملامح المناهج الحديثة:

• المعلم في المناهج الحديثة مجرد منشط قائد لجماعة القسم.

• المتعلم أصل وركن وجوهر العملية التعليمية التعلمية.

• المحتوى المدرسي مناسب للمراحل العمرية المختلفة، غني بالأنشطة.

• الوسائل التعليمية التعلمية ليست مجرد معينات ديدكتيكية، بل دعائم يرتكز عليها السيناريو البيداغوجي، ومن مقتضيات عصرنة التعليم.

• المدرسة في خدمة المتعلم، وحريصةٌ على نشاطه داخل الفصل وخارجه، وعبر الأندية التربوية والخرجات (…).

• الديدكتيك متشرب بالمنهج العلمي والبحوث الحديثة، خرج من مجرد ارتجال، في الخطوات والمراحل، إلى عملية علمية معقلنة.

• المنهاج متمركز حول المتعلم، متكامل يركز على الامتدادات والتقاطعات بين الدروس والوحدات؛ داخل المادة وخارجها.

• القوانين ترجح مصلحة المتعلم، وتجعلها فوق أي اعتبار، ولو على حساب الاستهتار بقيمة المدرسة.

• الاحتفاظ بالمتعلم في المدرسة درءٌ للهدر المدرسي – إجبارية التعليم.

من إيجابيات المناهج والبرامج التعليمية الحديثة:

لكل أمر إيجابيات وسلبيات طبعًا؛ فمن باب الموضوعية أن نشير لبعض إيجابيات المناهج والبرامج الحديثة:

• استطاعت تلك المناهج أن تستقطب أفواجًا من المتعلمين والمتعلمات، وخففت من نسب الهدر المدرسي، الذي يعد بحق إهدارًا للمال العام، والجدير بالذكر أن الرأس مال البشري أصل كل ثروة.

• استطاعت المناهج والبرامج الحديثة أن تجعل للطفل مكانًا في المدرسة؛ فأصَّلت حقه في التعليم والتعلم، ومنعت كل أشكال استغلاله واستفزازه أو احتقاره أو إهانته، بعدما كان الطفل عبدًا من عبيد مؤسسة المدرسة، يخضع لأهواء وشهوات العاملين فيها.

المنظومة التشريعية اليوم واضحة بما فيه الكفاية؛ تحدد الحقوق والواجبات، وبدت التجاوزات واضحةً منكشفة بعدما كانت مستأثرًا بعلمها قبل.

• أصبح الطفل في صُلب كـل العمليات؛ فهو قطب الرحى الذي تدور حوله المناهج والبرامج والتوجيهات، وهذا أكثر جلاءً في الدول التي تعرف ازدهارًا وتطورًا في حقل التربية والتعليم، بينما ما زالت دولٌ كثيرةٌ تترنَّح مكانها، رجلٌ هنا ورجل هناك.

• تحسَّنت وضعيات التعليم والتعلم مقارنة بالماضي، وأصبحت المناهج أكثر حرفية وانسجامًا مع مناهج التفكير العلمي، وما جادت به بحوث علوم التربية وعلم النفس (…).

مِن سلبيات المناهج والتوجيهات التربوية التعليمية الحديثة:

• لم تستطع تلك المناهج ضبط الطفل والتحكم فيه (تربويًّا)؛ فجعلت منه طفلًا متحررًا من كل شيء، قابلًا للثوران والفوران على نفسه وغيره، فعل في جسده وثيابه الأفاعيل، وبات يبخس أغلى ما وهبه الله، فإذا هاج فليس لهيجانه حدودٌ.

وتلك الجرعة الزائدة من الحرية صاحبتها ودعمتها ثورة تكنولوجية ورقمية وقنوات وفضاءات للتواصل الافتراضي الجماعي، جعلت السيطرة عليه شبه مستحيلة، إذا كان الأب قادرًا على تتبُّع خطواته في الأزقة والشوارع، فإنه غير قادر على مجاراته في العالم الافتراضي.

• أقصت المناهج التربوية الحديثة كل السلطات، بما فيها سلطة المعلم والأسرة، فتحول الأمر إلى صراع ظاهر ومضمر بين الأسرة والمدرسة، الأسرة تتهم المدرسة بالتقصير في التربية، والمدرسة تلقي باللائمة على الأسرة، وكلاهما يوجه سهام الاتهام للإعلام.

هذا التشابك في العلاقات والمسؤوليات في عالم معقد (فوضوي) جعل الطفل ينعم بالتحرر الزائد.

فإذا كانت التربية التقليدية تمنح الصلاحية لكل أفراد المجتمع بالمساهمة في التربية والتوعية والنهي عن المنكر والتدخل، فإن المناهج الحديثة تضع الحدود لكل المتدخلين، حدَّتْ للأفراد والجيران والمدرسين حدودًا، لا ينبغي أن يعتدوها.

• جدلية المدرسة والمجتمع: إن فك الارتباط بين المدرسة والمجتمع أمرٌ عسيرٌ، والظاهر أن المجتمع أكثر تأثيرًا من المدرسة، فهل هو انفتاحٌ أو تلاشٍ لدور المدرسة في ظل مجتمع تدعمه قنوات التنشئة الاجتماعية الأخرى، أو يمكن اعتبار ذلك انفتاحًا للمؤسسات على فضاء الشارع المحلي والدولي؟

المناهج التعليمية والتربوية :

في العلوم التربوية الغربية أي البيداغوجيا، المناهج الدراسية المقررة من قبل الدولة يصبح لها أهم دور في تربية الاطفال وتنشئتهم. ذلك بعد تضييق و تأطير دور الاهل والأسرة و من ثم أعطاء هامش حرية كبيرة للطفل رغم عدم اكتمال تربيته و سلب دور المعلم و سلطته في التربية و كذلك من خلال حذف المعايير الاخلاقية والقيمية من معايير انتقاء الاساتذة والمعلمين والاكفتاء بالمعايير التقنية والتعليمية والفنية والاجتماعية في توظيف المعلمين. المناهج الدارسية والمناهج التربوية هي أداة الانظمة والدول للتحكم بكل تفاصيل التربية في البلاد و عادة يتحكم بها الدولة العميقة في كل الدول. في العصر الحاضر هناك توجه جديد ايضا في المناهج الدراسية والتربوية وهو تحكم المؤسسات الدولية والأممية بالمناهج الدراسية والتي تشكل غطاءا لدول العظمى والدول الاستعمارية في فرض اهدافهم وخططهم في العالم.

انظروا الى كل الحماس والاندفاع لدى اسرائيل لتغيير والتحكم بالمناهج الدراسية والدينية في الدول العربية فهذا الموضوع أهم دليل وأوضح مستند يدل على الاتجاهات العالمية في التحكم بالمناهج الدراسية والتعليمية والتربوية والدينية في العالم. فكل ذلك اليوم يتم باسم العلم وباسم العلوم التربوية في العالم والغرب.

 

روابط إضافية

مقالات إضافية

التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات،…

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد…

مراحل التمهيدية لاقتصاد حضاري قبل…

١.الثورة ومحاربة الحرمان نجاح الثورة في ايران تزامنت مع بدء نشاطات لجهاد…

علماء اقتصاد في الغرب ينتقدون…

في مناخ الأزمة انطلقت أصوات في الغرب تنادي بتطبيق الأسس الأخلاقية والدينية…

مقالات إضافية

التمهيد لاقتصاد حضاري رغم العقوبات،…

نتائج الخطط الخماسية في الجمهورية في المجموع حققت النجاحات التالية على صعيد…

مراحل التمهيدية لاقتصاد حضاري قبل…

١.الثورة ومحاربة الحرمان نجاح الثورة في ايران تزامنت مع بدء نشاطات لجهاد…

علماء اقتصاد في الغرب ينتقدون…

في مناخ الأزمة انطلقت أصوات في الغرب تنادي بتطبيق الأسس الأخلاقية والدينية…