من كتاب خصائص الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني
كفى قوانين لا تنفذ الا على الفقراء، نثمّن كلّ الجهود المبذولة في خدمة الإنسان والإنسانية في بلدنا العزيز، ونحترم كلّ الجهود المبذولة في خدمة المرأة والنساء والبنات في بلدنا الغالي، رغم الوضع الكارثي.
ونحترم كلّ جهود الجمعيّات والمؤسسات الناشطة في خلق تشريعات تسعى إلى مواجهة الظلم والعنف، ولو بفرض القوة.
ونحترم كلّ جهود الحضارات والمدارس الفكرية في خلق أنظمة تسعى إلى محاربة الظلم والعنف، رغم تعارضها.
ونحترم جميع الخطوات والمبادرات لمساعدة الإنسان المظلوم، الإنسان الإنثى، الزوجة، المرأة، الأم، رغم أخطاء التنفيذ،
ونحترم جميع النشاطات لمواجهة الخلل والأزمات التي يسببها القضاء المريض والقضاة المرتشيين والمحاميين الفاسدين.
ونحترم جميع التجارب الحقوقية والقانونية لمكافحة العنف على النسا،ء بعد تفشي الظلم في المجتمع كله.
ونحترم كلّ الإنجازات والحلول للمشاكل الفردية في مجتمع منهار اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
نحترم كلّ الابتكارات والابداعات التي تنقذ الزوجة من براثن الزوج العنيف والإبنة من قساوة الأب الكفيل، وتدفعهما الى مجتمع غريب.
ونحترم كل قانون ومرسوم وتعميم ينقذ ضحايا العنف ويستدرجهم الى منفى الحياة القاسية.
ونحترم كل منهج تربوي ومكان تعليمي يربَّي الأطفال خير تربية، ليأخذوا حقهم بيدهم، ليكونوا أفضل من آبائهم وليس أسياد عليهم والبنات، أحسن من أزواجهم ليس رجالا عليهم.
ونحترم كل الحلول التي تنقذ البعض وتترك الكل، غرقى.
ونحترم كل مساواة تنقذ البعض وتفرحهم وتبكي الآخرون، لأن نظام الكون ونظام الحياة نظام مترابط ومتناسق، لايمكن اصلاح الجزء دون الكل معاً.
ونحترم كل قانون يصنع واحات خضراء جميلة صغيرة في مستنقع كبير من الأزمات.
ألا تعلمون أننّا لسنا في السويد ولا في الدنمارك ولسنا حتى في قبرص، رغم إننا لسنا في بلاد ما بين النهرين ولا بين البحرين؟
ألا تعلمون أن القانون يحتاج الى بيئة إجتماعية وسياسية مناسبة؟
ألا تعلمون أن التطبيق السيء للقانون الجيد، يضرّ أكثر ما يفيد؟
ألا تعلمون أن الكثير من القوانين عندنا لا يُعمل بها، الا على الفقير والمقطوع النسب أو… المنتهية صلاحيته؟
ألا تعلمون أن القانون يحتاج الى ظروف معيشية واقتصادية مناسبة ؟
ألا تعلمون أن أي محاولة لا تحظى بغطاء سياسي أو قرار سياسي في البت والتنفيذ والضمانة، تؤدي إلى نتائج عكسية؟
ألا تعلمون إننا أذكياء وبل أننا عباقرة، في الإلتفاف على القانون، فهل تأملون خيراً بتخصيص القانون بالقانون، وزيادة القانون على القانون؟
إعترفوا بأنه حتى عندما يكون الزوج أو الأب ظالماً ومعنفاَ، ليست الزوجة وحدها الضحية بل الأزواج أيضاً (في مكان ما) ضحايا، ليست الإبنة المقهورة وحدها الضحية بل الأهل أيضا ضحايا، فحتى المجانين منهم، ليسوا مجرمين بل إنهم مرضى، وحتى الطاغية منهم، ليسوا مجرمين بل انهم مضطربون نفسيا، فلماذا لا نختار الحلول البسيطة المستدامة للمشاكل الفردية، ولا نختار الحلول الشاملة المتفق عليها للمشاكل الإجتماعية؟ ونتابعه بكل جدية حتى آخر خطوة…
إعترفوا بأنه يجب معالجة المريض وليس محاكمته، اضيؤوا شمعة بدلاً من معاقبة الظلمة؟
إعترفوا بأنه يجب معالجة المشاكل العائلية والإجتماعية بالحلول الإجتماعية والعائلية وليس بالحلول القمعية.
إعترفوا بأنه يجب مواجهة الظلم والعنف بالحلول النفسية والتربوية وليس بالأحكام الجزائية والعسكرية. فأضيؤوا شمعة بدلا من معاقبة الظلمة.
…
تمهَلوا قليلا أي خطوة من خطواتكم أرجعت الأمان وراحة البال الى عائلة الضحية، فأصبحت عائلة سعيدة ؟ وأصلحت الزوج وأصلحت الأب وجمعت شمل العائلة من جديد؟
وعلّمت الزوج والزوجة فنون الصبر على محن الحياة، لأن معظم المشاكل العائلية من قلة الصبر.
وعرّفت الزوج والزوجة على حدود الإنسانية وحقوق الإنسانية قبل أن تعرفوه على زنزانة والسوط والشرطة والمخفر والمحاكم المزمنة؟
وعلّمت الزوج والأب على أن يبحث عن سبب مشاكله المعيشية في الطبقة السياسية الفاسدة وليس في زوجته المغبونة؟!
تمهلوا قليلا أي خطوة من خطواتكم حلّت مشكلة العنوسة ليكون الطلاق حلاّ عندكم؟!
تمهلوا قليلاً أي خطوة من خطواتكم علًمت الأزواج أن التربية الجنسية الخاطئة والسلوكيات المنحرفة تؤدي الى الفشل والتقصير أمام الحقوق الزوجية؟!
وعلّمت الأزواج بأن إحترام رغبات الآخر شرط لاستمرارية الحياة الزوجية.
تمهلوا قليلا أي خطوة من خطواتكم لم تحرَض الإبنة على الأب الراعي والزوجة على الكفيل في العائلة؟
وأيَها عالجت الثقافات الخاطئة والبيئة الظالمة والمجتمع الفاسد؟
وأيَها أصلحت سوء تطبيق القوانين وسوء التدبير في المعيشة وسوء الطبقة الحاكمة؟
وأيَها أصلحت بنداً من شريعة الغاب واستطاعت مواجهة الزعيم ومقارعة الفرعون ومحاربة الطاغوت في البيت والعائلة والحي والبلدة والطائفة والمجتمع والمدينة والبلد، فمنتهى ما فعلتم هو الغلبة على المغلوب على أمره بالضربة القاضية بحسب موازنات القوى في شريعة الغاب.
إنكم لم تلقوا القبض على المجرم الصحيح، فالمريض ليس مكانه الحبس، ولا تكافأ المرأة المضطهدة بالطلاق، إبحثوا عن الحلول الفردية للمشاكل الفردية، وأبدءوا بالأهم فالمهم،
العامل الأهم في أكثر المشاكل العائلية هو الوضع المعيشي والمتطالبات غير الواقعية للطرفين بحسب المستوى المعيشي في العائلة وهنا المجرم الحقيقي ليس الأب والكفيل بل هي الطبقة المعنية بالوضع المعيشي في مجتمعنا.
والعامل الثاني في الكثير من المشاكل العائلية، تبدد القيم الشرقية والأخلاقية في الإعلام ووسائل التواصل الأجتماعي، في مجتمعنا الشرقي لا ينفعنا التقليد الأعمى عن المجتمعات الأخرى، فها هنا أمدّ يدي العون والمساعدة الى جميع زعماء الطوائف الدينية والروحية للحوار والتوافق والعمل على ايجاد اعلام متوازن يحفظ كرامة الإنسان والعائلة والحياة الزوحية والحياة العائلية. فالسباق التسلح بالعري والانفلات عن القيم بين القنوات، لا يبقي حجر على حجر في بيوتنا.
كفى حلولاً لا تحترم قيم العائلة ومثل المجتمع الشرقي ومثل الطوائف الروحية والدينية.
كفى حلولاً يجرم الضحية ويعالج المريض بالقمع.
كفى حلولاً لا تزيد الأمور الا تعقيداً.
كفى حلولاً لا تنفَذ الضحايا الا بما هو أسوأ.
كفى مزايدات على الديانات والطوائف للمشاكل الناتجة عن سوء التطبيق وليس الدين نفسه.
كفى قوانين لا تنفَذ إلاَ على الفقير!!
لم نعد نرض بحكم أي شخص واي تيار وأي نظام وأي دولة وأي حضارة الا اذا كان لديهم حلول حقيقية ومنطقية لأهم عوامل الانهيار الأنظمة والدول والحضارات حتى الديموقراطية والصالحة منها : وهما في الثقافة 1) التدهور الديموقراطي و خلف غير الصالح 2)الزيف الديموقراطي والدولة العميقة وفي الاقتصاد 1) الاستعمار والهيمنة الخفية 2) اقتصاد الظل واقتصاد الجريمة المنظمة.