من كتاب خصائص الحضارة المشرقة المستدامة القادمة، محمد كوراني
العقل البشري في مرحلة ما قبل الحضارة المثالية، يجب أن نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من المعلومات السطحية،
يجب أن نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من الحلول السطحية والحلول الشعبوية.
يجب أن نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من التجارب الشخصية وغير الشخصية باسم حقائق علمية.
يجب أن نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من الخداع الكتروني والزيف السيبراني والكل يعاني منها.
يجب أن نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من أنواع الترفيه والتسلية واللعب يفوق ساعات حياة الإنسان نفسه؟
كلما زاد تواصلنا بالعالم الرقمي وبهذه الشبكات الإجتماعية الإفتراضية، كلما زادت كمية المعلومات المستقبلة، في البداية يكون الأمر سهلا وممتعاً، لكن بعد ذلك يصبح من المستحيل تقريبا إدارة واستيعاب هذا الكم الهائل من المعلومات التي تشعرنا بالتخمة المعلوماتية، ورغم ذلك يصيبنا بالإدمان على استهلاك المعلومات السطحية والإحساس بالجوع والعطش المستمر للمزيد منها. خطر آخر ينبهنا إليه ألا وهو ما يطلق عليه التكاسلية والتواكلية في الفعل الاجتماعي. فشبكات التواصل الاجتماعي مكان جيد جدا لنشر الأخبار، ولكنها أسوأ مكان لتطبيق الفعل الاجتماعي في الحياة الواقعية. بفضل هذه الشبكات، شهدنا أيضا ولادة تعدد الهويات الرقمية لشخص واحد يقبع خلف لوحة المفاتيح. كما أن تغريدك لصالح قضية ما أو نشرك لرأي ما تؤيده أو قضية تدافع عنها يعطيك إحساسا مصطنعا بالمشاركة في فعل اجتماعي ما أو أنك بذلت مجهودا ضخما في هذا الإطار، في حين أنك لم تتحرك قيد أنملة من مكانك. في الواقع الإنترنت يحولنا الى شعوب بلهاء، فالثورات السيبرانية عادة تبقى في الأنترنت وفي عالمنا الحاضر لولا المجاعة والحاجة والبطالة التي تجبر الشعوب الى النزول الى الشارع لبقيت الثورات في مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية الافتراضية.
تقول دراسة حول تأثير الإنترنت على المخ البشري والتي تركز على مفهوم الضغوط الممارسة على الانتباه، والمغيرة بالتالي لنظرتنا تجاه العالم, بان افتراض الرسائل والنصوص القصيرة تؤثر في اللدونة العصبية والمشبكية في المخ، ما يؤدي إلى فقدان القدرة على التركيز على مهام طويلة الأمد ككتابة المقالات أو قراءة الكتب. وهي الفرضية التي، حاول عدد من الباحثين التحقق من صحتها في تجارب، من ناحية ممارستهم لكتابة الرسائل والنصوص القصيرة، وناحية سمات شخصياتهم والهدف الذي يعطونه لوجودهم في الحياة، وخلصت النتائج إلى أن أكثر الطلاب ممارسة لكتابة الرسائل القصيرة هم الأقل نزوعا لطريقة التفكير النقدي العميق والأكثر افتقارا لتحديد أهدافهم في الحياة.
الحاجة الى عالم الأنترنت جاءت بسبب خضوع الشعوب الى الديكتاتوريات التي كانت تنشر معلومات موجهة ومركزة بشكل ظالم وبعيدا عن الحقيقة، لكن الديكتاتوريات الحديثة في عالمنا تقدم لك مجموعة من الخيارات التي تختار منا ما تختار، لكن تبقى ضمن السيطرة ونفوذها. لذلك نؤكد على أهمية تطوير ما يسمى بالتفكير الجديد والذي تمثله شبكات التواصل، وهو التفكير السريع السطحي ذو التركيز المعمق قصير المدى، وذلك بالتوازي مع التفكير التقليدي الذي يركز أكثر على المهمات العقلية طويلة الأمد، لأن الإنسان في النهاية يحتاج إلى هذين النمطين لتنمية قدراته العقلية. لكن شرط أن لا يصل الى مرحلة إدمان العقول وتخديرها…
لذلك نؤكد بأن علينا ان نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من الحلول والطرق السطحية الوهمية،
ويجب أن نحذر أنفسنا بأننا اليوم نواجه كم هائل من الحلول العقيمة والمفيدة ونحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تنقذ العقول من الإدمان والتخدير.
نحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تساعدنا في التصنيف السريع والبديهي للأمور المشابهة
ونحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تساعدنا في إعطاء الأهمية والأولوية للأمور المصنفة والمشابهة
ونحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تعطينا العزم والإرادة في الالتزام بالتصنيف الضروري والمفيد وغير المفيد والمضرّ.
نحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تقفل أبواب الروح عن كل معلومة غير ملحة وغير ضرورية وفي حال الرخاء والاستراحة عن كل معلومة غير مفيدة ومضرّة.
نحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تقفل الحواس الخمس عن كل معلومة غير ملحة وغير ضرورية وفي حال الرخاء والاستراحة عن كل معلومة غير مفيدة ومضرّة.
نحن اليوم بأمس الحاجة الى منهجية عقلية صارمة تساعدنا عن الترك الإهتمام والتعليق والردّ والكلام بالأمور التي لا تشكل ضرورة إنسانية، أو أخلاقية أو دينية.
نحن اليوم أمام كم هائل من الشبهات الفكرية والعقائدية والأخلاقية، ومن الملفت أن من خطط لهذه المنظومة الاكترونية والسيبرانية لا يريد منّا أن نفكر ونختار أفضلها وأن نبحث ونختار أصحّها بل المقصود الحقيقي منها أن يبقى الإنسان ضائعا في متاهة لا متناهية، وفي النهاية يستنج كما يخطط له من خلال الخوارزميات المعقدة في عملية إحتيال في منتهى التعقيد، الحضارة الغربية اليوم قائمة على التيه والضياع والسطحية والحضارة المستقبلية أما تغرقنا من دون رجعة أو تنقذنا الى الأبد.
منهجية العقلية الجماعي اليوم تشكل مدماك الحضارة المستقبلية!!!